فتح المغيث بشرح ألفية الحديث للعراقي

السخاوي - شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي

صفحة جزء
[ الكلام على إفراد الصلاة والسلام ] :

( و ) كذا ( اجتنب الحذفا ) لواحد ( منها صلاة أو سلاما ) حتى لا تكون منقوصة معنى أيضا ( تكفى ) بإكمال صلاتك عليه ما أهمك من أمر دينك ودنياك ، كما ثبت في الخبر ، وهو ظاهر في كون ذلك أيضا خلاف الأولى ، لكن قد صرح ابن الصلاح بكراهة الاقتصار على : عليه [ ص: 73 ] السلام فقط ، وقال ابن مهدي كما رواه ابن بشكوال وغيره : إنها تحية الموتى .

وصرح النووي - رحمه الله - في " الأذكار " وغيره بكراهة إفرادهما عن الآخر متمسكا بورود الأمر بهما معا في الآية ، وخص ابن الجزري الكراهة بما وقع في الكتب مما رواه الخلف عن السلف ; لأن الاقتصار على بعضه خلاف الرواية ، قال : فإن ذكر رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : اللهم صل عليه . مثلا ، فلا أحسب أنهم أرادوا أن ذلك يكره .

وأما شيخنا فقال : إن كان فاعل أحدهما يقتصر على الصلاة دائما فيكره من جهة الإخلال بالأمر الوارد بالإكثار منهما ، والترغيب فيهما وإن كان يصلي تارة ويسلم أخرى من غير إخلال بواحدة منهما فلم أقف على دليل يقتضي كراهته ، ولكنه خلاف الأولى ; إذ الجمع بينهما مستحب لا نزاع فيه . قال : ولعل النووي - رحمه الله - اطلع على دليل خاص لذلك ،

وإذا قالت حذام فصدقوها

. انتهى .

ويتأيد ما خص شيخنا الكراهة به بوقوع الصلاة مفردة في خطبة كل من : [ ص: 74 ] " الرسالة " لإمامنا الشافعي و " صحيح مسلم " ، و " التنبيه " للشيخ أبي إسحاق ، وبخط الخطيب الحافظ في آخرين ، وإليها أو إلى بعضها الإشارة ، بقول ابن الصلاح : ( وإن وجد في خط بعض المتقدمين ) .

ولما حكى المصنف أنه وجده بخط الخطيب في " الموضح " قال : إنه ليس بمرضي ، وقد قال حمزة الكناني : كنت أكتب الحديث ، فكنت أكتب عند ذكر النبي : " صلى الله عليه " ، ولا أكتب : وسلم ، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال : " ما لك لا تتم الصلاة علي ؟ " فما كتبت بعد : صلى الله عليه . إلا كتبت : وسلم . رواه ابن الصلاح والرشيد العطار والذهبي في تاريخه ، لكن بلفظ : ( أما تختم الصلاة علي في كتابك ؟ ) كلهم من طريق الحافظ أبي عبد الله محمد بن إسحاق بن منده عنه .

وقال ابن عبد الدائم : كنت أكتب لفظ الصلاة دون التسليم ، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام ، فقال لي : ( لم تحرم نفسك أربعين حسنة ؟ قلت : وكيف ذاك يا رسول الله ؟ قال : إذا جاء ذكري تكتب صلى الله عليه ، ولا تكتب : وسلم ، وهي أربعة أحرف ، كل حرف بعشر حسنات ؟ قال : وعدهن صلى الله عليه وسلم بيده ، أو كما قال ) . رواه أبو اليمن بن عساكر . [ ص: 75 ] [ الصلاة على الأنبياء والصحابة ] :

وكذا يستحب كتابة الصلاة على غير نبينا من الأنبياء صلى الله وسلم عليهم ، كما صرح به بعض العلماء ، والترضي عن الصحابة ، والترحم على العلماء وسائر الأخيار ، كما صرح به النووي ، وفي " تاريخ إربل " لابن المستوفي عن بعضهم أنه كان يسأل عن تخصيصهم عليا بـ " كرم الله وجهه " فرأى في المنام من قال له : لأنه لم يسجد لصنم قط .

التالي السابق


الخدمات العلمية