فتح المغيث بشرح ألفية الحديث للعراقي

السخاوي - شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي

صفحة جزء

( 606 ) قلت ورمز قال إسنادا يرد قافا وقال الشيخ حذفها عهد      ( 607 ) خطا ولا بد من النطق كذا
قيل له وينبغي النطق بذا

[ رمز قال وحذفها ] ( قلت ) : وأما غير " ثنا " و " أنا " مما أشير إليه فـ ( رمز قال ) الواقعة ( إسنادا ) أي : في الإسناد بين رواته ( يرد ) حسبما رآه المصنف في بعض الكتب المعتمدة حال كونه ( قافا ) مفردة فيصير هكذا " ق ثنا " ، وربما خطهما بعضهم كالدمياطي ، بل قيل : إنه تفرد بذلك وكتب بخطه في ( صحيح مسلم ) : قثنا . حتى توهم بعض من رآها كذلك أنها الواو الفاصلة بين الإسنادين ، وليس كذلك .

وبالجملة فالرمز لها اصطلاح متروك ، ( و ) لكن ( قال الشيخ ) ابن الصلاح : [ ص: 109 ] ( حذفها ) كلها أصلا ورأسا ( عهد ) فيما جرى عليه أهل الحديث ( خطا ) ، حتى إنهم يحذفون الأولى من مثل عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : ( ولا بد من النطق ) بها حال القراءة لفظا .

يعني لأن الأصل الفصل بين كلامي المتكلمين للتمييز بينهما ، وحيث لم يفصل فهو مضمر ، والإضمار خلاف الأصل ، إلا أن هذا لا يقتضي اشتراط التلفظ كما أشعر به تعبيره .

نعم قد صرح في ( فتاواه ) بأن عدم النطق بها لا يبطل السماع في الأظهر وإن كان خطأ من فاعله ، واحتج لذلك بأن حذف القول جائز اختصارا قد جاء به القرآن العظيم .

وتبعه النووي في ( تقريبه ) فقال : تركها خطأ ، والظاهر صحة السماع ، بل جزم به في مقدمة ( شرح مسلم ) فإنه قال : فلو ترك القارئ لفظ " قال " في هذا كله فقد أخطأ ، والسماع صحيح للعلم بالمقصود ، ويكون هذا من الحذف لدلالة الحال عليه ، وصرح الشهاب عبد اللطيف بن المرحل النحوي بإنكار اشتراط التلفظ بها ، ثم هل يكفي الاقتصار على النطق بالرمز لها ؟ الظاهر : نعم .

وإليه أشار الكرماني في " قال " وكذا في " ثنا " و " أنا " جميعا ، وعبارته : وينبغي للقارئ أن يلفظ بكل من " قال " و " ثنا " و " أنا " صريحا ، فلو ترك ذلك كان [ ص: 110 ] مخطئا ، لكن السماع صحيح للعلم بالمقصود ، ولدلالة الحال على المحذوف .

قال شيخنا : وفيه نظر ; لأنه يلزم منه أن يقول : قال " خ " . ويريد : قال البخاري . أو يقول : " ثنا خ " . ومراده : ثنا البخاري . وأن يقول : " ثنا م " . ويريد : ثنا مسلم ، وليس بلازم لكونه في الصيغ لا في الأسماء .

على أنه قد توقف كما سلف في أن الأولى عدم الرمز عن الراوي بالكتابة حيث قال : إنه بعد أن شاع وعرف الاصطلاح لا فرق بين الرمز وغيره إلا من جهة نقص الأجر لنقص الكتابة .

وكأنه يفرق بين الكتابة وبين القراءة باصطلاح رمز الأسماء والصيغ كتابة دون رمزهما قراءة ، وفيه توقف إلا من جهة الخفاء بالنطق في الراوي رمزا ، ثم صرح شيخنا بمصادمة تصحيح الكرماني السماع لقول ابن الصلاح : إنه لا بد .

قال : والذي يظهر لي امتناعه - أي : الحذف في " ثنا " و " أنا " ، وفي مثل " ثنا خ " ، و " ثنا م " - وجوازه في " قال " يعني قبل : " ثنا " ; لأن " ثنا " بمعنى : قال لنا ، فاشتراط إعادة " قال " ليس بشيء . انتهى .

( وكذا ) مما عهد حذفه أيضا لفظ " أنه " في مثل ما رواه الترمذي من حديث حذيفة رضي الله عنه قال : رأى رجلا . الحديث . فإن تقديره : قال : إنه رأى رجلا . وقول البخاري : ثنا الحسن بن الصباح ، سمع جعفر بن عون .

و ( كذا قيل له ) في مثل : قرئ على فلان ، قيل له : أخبرك فلان ، ( وينبغي ) كما قال ابن الصلاح مع ملاحظة ما قررناه في " قال " للقارئ أيضا ( النطق بذا ) ; أي : قيل له . وكذا أنه ونحوهما . قال : ووقع في بعض ذلك : قرئ على فلان ، حدثنا فلان . فهذا ينطق فيه بـ " قال " ، يعني : لا قيل له ، لكونه أخصر ، وإلا فلو قال : قيل له . قلت كما عبر به النووي في مقدمة ( شرح مسلم ) لما امتنع .

التالي السابق


الخدمات العلمية