فتح المغيث بشرح ألفية الحديث للعراقي

السخاوي - شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي

صفحة جزء
صفة رواية الحديث وأدائه .


( 620 ) وليرو من كتابه وإن عري من حفظه فجائز للأكثر      ( 621 ) وعن أبي حنيفة المنع كذا
عن مالك والصيدلاني وإذا      ( 622 ) رأى سماعه ولم يذكر فعن
نعمان المنع وقال ابن الحسن      ( 623 ) مع أبي يوسف ثم الشافعي
والأكثرين بالجواز الواسع      ( 624 ) وإن يغب وغلبت سلامته
جازت لدى جمهورهم روايته      ( 625 ) كذلك الضرير والأمي
لا يحفظان يضبط المرضي      ( 626 ) ما سمعا والخلف في الضرير
أقوى وأولى منه في البصير

[ جواز الرواية من الكتب المصونة ] :

( صفة رواية الحديث وأدائه ) سوى ما تقدم ، وفيه فصول : الأول في جواز اعتماد المحدث ولو كان ضريرا أو أميا الكتاب المصون ، ولو غاب عنه حتى في أصل السماع وإن لم يستحضره .

( وليرو ) الراوي ( من كتابه ) المتقن المقابل المصون الذي صح عنده سماع ما تضمنه معتمدا عليه ، ( وإن عري ) ; أي : خلا ( من حفظه ) بحيث لم يذكر تفصيل أحاديثه حديثا حديثا ، أو كان يحفظه إلا أنه سيئ الحفظ ، ( فـ ) ذاك ( جائز للأكثر ) من العلماء ; لأن الرواية مبنية على الظن الغالب لا القطع ، فإذا حصل كفى ، ولم يضره - كما قال الحميدي - ذلك إذا اقتصر على ما في كتابه ولم يزد فيه ولم ينقص منه ما يغير معناه ، ولم يقبل التلقين إذا لم يرزق من الحفظ والمعرفة بالحديث ما رزقه غيره . قال : لأني وجدت الشهود يختلفون في المعرفة بحد الشهادة ويتفاضلون فيها كتفاضل المحدثين ، ثم لا أجد بدا من إجازة شهادتهم جميعا .

وحينئذ فالمعول على الإتقان والضبط ولو لم يكن حافظا ، ولذا قال ابن مهدي : الحفظ هو الإتقان .

وقال مروان بن محمد الفزاري : ( ثلاثة لا غناء للمحدث عنها ; الحفظ والصدق وصحة [ ص: 124 ] الكتب ، فإن أخطأه الحفظ وكان فيه ما عداه لم يضره ) .

وعن ابن معين قال : ينبغي للمحدث أن يتزر بالصدق ويرتدي بالكتب . رواها الخطيب .

ولا ينافيه قول الإمام أحمد : لا ينبغي للرجل إذا لم يعرف الحديث أن يحدث . لا سيما وقد روى الخطيب في ( جامعه ) عن علي بن المديني : قال : قال لي سيدي أحمد : لا تحدث إلا من كتاب .

وقال ابن معين : دخلت على أحمد فقلت : أوصني . فقال : لا تحدث المسند إلا من كتاب . ولا شك أن الحفظ خوان .

وقد قال محمد بن إبراهيم بن مربع الحافظ : قدم علينا أبو بكر بن أبي شيبة فانقلبت له بغداد ، ونصب له المنبر في مسجد الرصافة فجلس عليه ، فقال من حفظه : حدثنا شريك . ثم قال : هي بغداد ، وأخاف أن تزل قدم بعد ثبوتها ، يا أبا شيبة - يعني ابنه إبراهيم - هات الكتاب .

وقال ابن درستويه : أقعد علي بن المديني بسامرا على منبر ، فقال : يقبح بمن جلس هذا المجلس أن يحدث من كتاب . ثم حدث من حفظه ، فغلط في أول حديث .

التالي السابق


الخدمات العلمية