فتح المغيث بشرح ألفية الحديث للعراقي

السخاوي - شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي

صفحة جزء
الرواية من الأصل .


( 627 ) وليرو من أصل أو المقابل به ولا يجوز بالتساهل      ( 628 ) مما به اسم شيخه أو أخذا
عنه لدى الجمهور وأجاز ذا      ( 629 ) أيوب والبرسان قد أجازه
ورخص الشيخ مع الإجازه      ( 630 ) وإن يخالف حفظه كتابه
وليس منه فرأوا صوابه      ( 631 ) الحفظ مع تيقن والأحسن
الجمع كالخلاف ممن يتقن

الفصل الثاني ( الرواية من الأصل ) أو الفرع المقابل ، ووجوب ذلك ، وما المعتمد من الحفظ والكتاب عند تخالفهما .

( وليرو ) المحدث إذا رام أداء شيء مما تحمله بالسماع أو القراءة أو غيرهما .

( من أصل ) تحمل منه ، ( أو ) من الفرع ( المقابل ) المقابلة المتقنة ( به ) أي : بالأصل ، وهو شرط ( ولا يجوز ) الأداء ( بالتساهل ) بأن يروي ( مما ) لم يكن سماعه منه ، ولو كان أصلا ( به اسم شيخه ) يعني سماعه ( أو ) كان فرعا ( أخذ عنه ) أي : عن الشيخ من ثقة من الثقات بحيث تسكن نفسه إلى صحته اعتمادا على مجرد ذلك ( لدى ) أي : عند ( الجمهور ) من المحدثين كما حكاه الخطيب ، وقطع به الإمام أبو نصر بن الصباغ الفقيه في الصورة الثانية فقط .

حكاه ابن الصلاح عنه بلاغا ، وعلله ابن الصلاح بأنه لا يؤمن أن يكون في كل منهما زوائد ليست في نسخة سماعه .

( و ) لكن قد ( أجاز ذا ) [ ص: 135 ] أي : الأداء من كليهما ( أيوب ) بن أبي تميمة السختياني .

( و ) كذا أبو عثمان أو أبو عبد الله محمد بن بكر ( البرسان ) بضم الموحدة ، وسين مهملة ، مع حذف ياء النسبة ، نسبة لقبيلة من الأزد ، البصري ( قد أجازه ) أيضا ترخصا منهما .

قال الخطيب : ( والذي يوجبه النظر أنه متى عرف أن الأحاديث التي تضمنتها النسخة هي التي سمعها من الشيخ ; جاز له أن يرويها إذا سكنت نفسه إلى صحة النقل والسلامة من دخول الوهم لها ، وهو موافق لما تقدم عنه في المقابلة من جواز الرواية من فرع كتب من أصل معتمد مع كونه لم يقابل ، لكن بشرط البيان لذلك حين الرواية ، وإلى ما ذهب إليه أيوب والبرساني جنح ابن كثير من المتأخرين ) .

( و ) كذا ( رخص ) فيه أيضا ( الشيخ ) ابن الصلاح لكن ( مع ) وقوع ( الإجازه ) من المسمع له بذلك الكتاب ، أو بسائر مروياته التي تقدم أنه لا غناء في كل سماع عنها احتياطا ; ليقع ما يسقط في السماع على وجه السهو وغيره من كلمة فأكثر مرويا بالإجازة .

قال : ( وليس فيه حينئذ أكثر من رواية تلك الزيادات بالإجازة بلفظ " أنا أو : ثنا " من غير بيان للإجازة فيها ، والأمر في ذلك قريب يقع مثله في محل التسامح ، فإن كان الذي في النسخة سماع شيخ شيخه ، أو هي مسموعة على شيخ شيخه ، أو مروية عن شيخ شيخه ، فينبغي له حينئذ في روايته منها أن تكون [ ص: 136 ] له إجازة شاملة من شيخه ، ولشيخه إجازة شاملة من شيخه ) .

قال : ( وهذا تيسر حسن - هدانا الله ولله الحمد له - والحاجة إليه ماسة في زماننا جدا ) . يعني لمزيد التوسع والتساهل فيه ، بناء على أن المطلوب بقاء السلسلة خاصة ، حتى إنه صار - كما قال ابن الصلاح - بمجرد قول الطالب للشيخ : هذا الكتاب أو الجزء من روايتك . يمكنه من قراءته من غير تثبت ولا نظر في النسخة ولا تفقد طبقة سماع ، وما أشبه ذلك من البحث الذي يؤدي إلى حصول الثقة بصحة أصل السماع فضلا عن المسموع .

( وإن يخالف حفظه كتابه ) وقلنا بالمعتمد من الاكتفاء في الرواية بكتابه المتقن المحفوظ عنده ، ولو لم يكن حافظا ، فإن كان إنما حفظ من كتابه ، فليرجع إليه ولو اختلف المعنى ، ( و ) إن يكن ( ليس ) حفظ ( منه ) وإنما حفظ من فم المحدث أو من القراءة عليه .

( فقد رأوا ) أي : أهل الحديث ( صوابه الحفظ ) ; أي : اعتماد الحفظ إذا كان ( مع تيقن ) وتثبت في حفظه ، أما مع الشك أو سوء الحفظ فلا ، ( والأحسن ) مع تيقن ( الجمع ) بينهما فيقول : حفظي كذا وكتابي كذا . كما فعل همام وقد روى حديث أنه صلى الله عليه وسلم اشترى حلة بسبع وعشرين ناقة . فقال : هكذا في حفظي ، وفي كتابي ثوبين .

هذا مع عدم التنافي بينهما ، فالحلة لا تسمى كذلك إلا أن تكون ثوبين من جنس واحد ، وفعله شعبة حيث روى حديث ابن مسعود في التشهد : ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم . وقال : هكذا في حفظي ، وهو ساقط في كتابي في آخرين من الحفاظ .

وذلك ( كالخلاف ممن يتقن ) من الحفاظ له فيما حفظه حيث يحسن فيه أيضا - كما كان الثوري وشعبة وغيرهما يفعلون - بيان الأمرين معا ، فيقول : [ ص: 137 ] في حفظي كذا وكذا ، وقال فيه فلان كذا وكذا ، أو نحو ذلك .

بل قيل لشعبة حين حدث بحديث مرفوع قال : إنه في حفظه كذلك ، وفي زعم فلان وفلان خلافه - : يا أبا بسطام ، حدثنا بحفظك ودعنا من فلان وفلان . فقال : ما أحب أن عمري في الدنيا عمر نوح ، وأني حدثت بهذا وسكت عن هذا .

وربما ذكر ما قد يترجح به أحد القولين ، كقوله : وقال فيه فلان وكان أحفظ مني وأكثر مجالسة لشيخه مني .

التالي السابق


الخدمات العلمية