فتح المغيث بشرح ألفية الحديث للعراقي

السخاوي - شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي

صفحة جزء
[ تقطيع الحديث الواحد في الأبواب ] :

( أما إذا قطع ) المتن الواحد المشتمل [ ص: 157 ] على عدة أحكام ، كحديث جابر الطويل في الحج ونحوه ، ( في الأبواب ) المتفرقة بأن يورد كل قطعة منه في الباب المعقود لها ، ( فهو ) كما قال ابن الصلاح ومن تابعه ، يعني : إذا تجرد عن العوارض المتقدمة بأسرها ، ( إلى الجواز ) من الخلاف ( ذو اقتراب ) ، ومن المنع ذو ابتعاد .

وصرح الرشيد العطار بالخلاف فيه ، وأن المنع ظاهر صنيع مسلم ، فإنه لكونه لم يقصد ما قصده البخاري من استنباط الأحكام يورد الحديث بتمامه من غير تقطيع له ولا اختصار إذا لم يقل فيه . مثل حديث فلان أو نحوه .

ولكن قال النووي : إنه يبعد طرد الخلاف فيه ، وقد فعله من الأئمة أحمد والبخاري وأبو داود والنسائي وغيرهم قديما وحديثا ، بل ومسلم أيضا كما قدمته ، وإن اقتضى كلام الرشيد خلافه ، ونسب أيضا للإمام مالك مع تصريحه كما تقدم بالمنع منه في حديث الرسول ، إلا أن يفرق بين الرواية والتأليف .

وكذا حكى الخلال عن أحمد أنه ينبغي ألا يفعل . ونحوه قول ابن الصلاح : إنه لا يخلو من كراهة . يعني : فإنه إخراج للحديث المروي عن الكيفية المخصوصة التي أورد عليها . لكن قد نازعه النووي فقال : ما أظن غيره يوافقه على ذلك ، بل بالغ الحافظ عبد الغني بن سعيد وكاد أن يجعله مستحبا .

قلت : لا سيما إذا كان المعنى المستنبط من تلك القطعة يدق ، فإن إيراده والحالة هذه بتمامه يقتضي مزيد تعب في استخلاصه منه ، بخلاف الاقتصار على محل الاستشهاد ، ففيه تخفيف كما أشار إليه أبو داود .

والتحقيق كما أشار إليه ابن دقيق العيد في ( شرح الإلمام ) التفصيل ، فإن قطع بأنه لا يخل المحذوف [ ص: 158 ] بالباقي فلا كراهة ، وإن نزل عن هذه المرتبة ترتبت الكراهة بحسب مراتبه في ظهور ارتباط بعضه ببعض وخفائه .

التالي السابق


الخدمات العلمية