فتح المغيث بشرح ألفية الحديث للعراقي

السخاوي - شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي

صفحة جزء
[ سبيل السلامة من اللحن ] :

( والأخذ ) للأسماء والألفاظ ( من أفواههم ) ; أي : العلماء بذلك الضابطين له ممن أخذه أيضا عمن تقدم من شيوخه ، وهلم جرا ، ( لا ) من بطون ( الكتب ) أو الصحف من غير تدريب المشايخ .

( أدفع للتصحيف ) وأسلم من التبديل والتحريف ، ( فاسمع ) أيها الطالب ما أقوله لك ، ( وادأب ) أي : جد في تلقيه عن المتقنين المتقين ، وقد روينا عن سليمان بن موسى أنه قال : كان يقال : لا تأخذوا القرآن من مصحفي ، ولا العلم من صحفي . وقال ثور بن يزيد : لا يفتي الناس صحفي ، ولا يقرئهم مصحفي . ولله در القائل :


ومن بطون كراريس روايتهم لو ناظروا باقلا يوما لما غلبوا     والعلم إن فاته إسناد مسنده
كالبيت ليس له سقف ولا طنب

في أهاجي كثيرة للمتصف بذلك أورد منها العسكري في ( التصحيف ) نبذة ، وكذا أورد فيه مما مدح به خلف الأحمر :

لا يهم الحاء بالقراءة بالخاء ولا يأخذ إسناده من الصحف وقد استدل بعضهم بقول عمران بن حصين رضي الله عنهما - لما حدث بحديث [ ص: 166 ] عن النبي صلى الله عليه وسلم .

وقال له بشير بن كعب : ( إن في الحكمة كذا - : أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحدثني عن الصحف ) . لذلك ، وروينا في ( مسند الدارمي ) عن الأوزاعي أنه قال : ما زال هذا العلم عزيزا يتلقاه الرجال حتى وقع في الصحف ، فحمله أو دخل فيه غير أهله .

إذا علم هذا فاللحن - كما قال صاحب ( المقاييس ) : - بسكون الحاء ، إمالة الكلام عن جهته الصحيحة في العربية ، يقال : لحن لحنا . قال : وهو عندنا من الكلام المولد ; لأن اللحن محدث لم يكن في العرب العاربة ، واللحن بالتحريك الفطنة ، يقال : لحن لحنا فهو لحن ولاحن ، وفي الحديث : ( لعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض ) .

وذكر الخطابي مثله وقال : يقال في الفطنة : لحن بكسر الحاء يلحن بفتحها ، وفي ( الزيغ عن الإعراب ) : لحن بفتح الحاء .

التالي السابق


الخدمات العلمية