فتح المغيث بشرح ألفية الحديث للعراقي

السخاوي - شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي

صفحة جزء
[ طريقة إصلاح اللحن اليسير ] :

هذا كله في الخطأ الناشئ عن اللحن والتصحيف ، وأما الناشئ عن سقط خفيف ( فليأت في الأصل ) ونحوه رواية [ ص: 174 ] وإلحاقا ، ( بما لا يكثر ) مما هو معروف عند الواقف من المحدثين عليه ، ( كابن ) من مثل : ثنا حجاج ، عن ابن جريج . و " أبي " في الكنية ونحوهما إذا غلب على ظنه أنه من الكتاب فقط لا من شيخه ، ( و ) كـ ( حرف حيث لا يغير ) إسقاطه المعنى ، فإن مثل هذا كله لا بأس بروايته .

( و ) إلحاقه من غير تنبيه على سقوطه ، كما نص عليه الإمام أحمد حيث قال له أبو داود صاحب السنن : وجدت في كتابي حجاج ، عن جريج ، عن أبي الزبير ; يجوز لي أن أصلحه ابن جريج ؟ فقال : أرجو أن يكون هذا لا بأس به .

وسأله ابنه عبد الله عن الرجل يسمع الحديث فيسقط من كتابه الحرف مثل الألف واللام ونحو ذلك ، أيصلحه ؟ فقال : لا بأس به أن يصلحه . ونحوه أنه قيل لمالك : أرأيت حديث النبي صلى الله عليه وسلم يزاد فيه الواو والألف والمعنى واحد ؟ فقال : أرجو أن يكون خفيفا .

وعن أبي الحسين بن المنادي قال : كان جدي لا يرى بإصلاح الغلط الذي لا يشك في غلطه بأسا . وربما نبه فاعله عليه ، فقد حدث أبو جعفر الدقيقي بحديث عن شعبة ، عن قزعة ، وقال : كذا في كتابي ، والصحيح عن أبي قزعة .

وروى أبو نعيم الفضل بن دكين عن شيخ له حديثا قال فيه : عن بحينة . وقال أبو نعيم : إنما هو ابن بحينة ، ولكنه كذا قال .

( والسقط ) أي : الساقط مما ( يدري أن من فوق ) بضم آخره من الرواة ( أتى به يزاد ) أيضا في الأصل لكن ( بعد ) لفظ ( يعني ) حال كونه لها ( مثبتا ) فقد فعله الخطيب ، إذ روى حديث عائشة ( كان صلى الله عليه وسلم يدني إلي رأسه فأرجله ) .

عن أبي عمر [ ص: 175 ] بن مهدي ، عن المحاملي ، بسنده إلى عروة ، عن عمرة ، فقال : يعني عن عائشة .

ونبه عقبه على أن ذكر عائشة لم يكن في أصل شيخه مع ثبوته عند المحاملي ، وأنه لكونه لا بد منه من أجل أنه محفوظ عن عمرة عنها ، مع استحالة كون عمرة صحابية ، ألحقه ، ولكن لكون شيخه لم يقله له زاد " يعني " اقتداء بشيوخه ، فقد رأى غير واحد منهم فعله في مثله . بل قال وكيع : أنا أستعين في الحديث بـ " يعني " . وصنيع كل منهم ، وكذا أبو نعيم والدقيقي في البيان حسن .

ولذا قال ابن الصلاح : وإن كان الإصلاح بالزيادة يشتمل على معنى مغاير لما وقع في الأصل ، تأكد فيه الحكم بأنه يذكر ما في الأصل مقرونا بالتنبيه على ما سقط ليسلم من معرة الخطأ ، ومن أن يقول على شيخه ما لم يقل . وهو أيضا مقتضى قول ابن دقيق العيد فيما إذا سقط من كتابه الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما أسلفته في كتابة الحديث وضبطه .

التالي السابق


الخدمات العلمية