فتح المغيث بشرح ألفية الحديث للعراقي

السخاوي - شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي

صفحة جزء
[ ص: 187 ] الزيادة في نسب الشيخ .


( 657 ) والشيخ إن يأت ببعض نسب من فوقه فلا تزد واجتنب      ( 658 ) إلا بفصل نحو هو أو يعني
أو جئ بأن وانسبن المعني      ( 659 ) أما إذا الشيخ أتم النسبا
في أول الجزء فقط فذهبا      ( 660 ) الأكثرون لجواز أن يتم
ما بعده والفصل أولى وأتم

الفصل الثامن : ( الزيادة ) على الرواية ( في نسب الشيخ ) حيث لم يقع فيها أصلا ، أو وقع لكن بأول المروي دون باقي أحاديثه .

( والشيخ إن يأت ) في حديثه لك ( ببعض نسب من فوقه ) شيخه أو غيره ، كأن يقتصر على الاسم فقط ، أو مع اسم الأب ، أو على الأب فقط ، أو على الكنية ، أو نحو ذلك مما لا تتم المعرفة به لكل أو تتم .

( فلا تزد ) أيها الراوي على ما حدثك به شيخك ، ( واجتنب ) إدراجه فيه ( إلا بفصل ) يتميز به الزائد ( نحو هو ) ابن فلان الفلاني ، ( أو يعني ) ابن فلان ، أو نحو ذلك ، كما روى الخطيب عن أحمد أنه كان إذا جاء الرجل غير منسوب قال : يعني ابن فلان .

وهو في ( الصحيحين ) وغيرهما كثير ، ( أو جئ بأن ) بفتح الهمزة وتشديد النون .

( وانسبن ) بنون التأكيد المشددة ( المعني ) بالإشارة ، كما روى البرقاني في ( اللقط ) له عن علي بن المديني قال : إذا حدثك الرجل فقال : ثنا فلان . ولم ينسبه ، وأحببت أن تنسبه فقل : ثنا فلان ، أن فلان بن فلان الفلاني حدثه .

وممن لا يستجيز إيراده إلا بـ " هو " أو " يعني " مسلم ; لكونه والحالة هذه إخبارا [ ص: 188 ] عن شيخه بما لم يخبره به ، وعلى كل حال فهما أولى من " أن " ; لأنه أقرب إلى الإشعار بحقيقة الحال ، وإن اصطلح المتأخرون على التصرف في أسماء الرواة وأنسابهم بالزيادة والنقص ، وبزيادة تعيين تاريخ السماع ، والقارئ ، والمخرج ، ونحو ذلك ما لم يصلوا إلى المصنفين ، بل وربما لقبوا الراوي بما لا يسمح به الراوي عنه المضاف ذلك إليه ، كأن يقال : أنا ابن الصلاح ، أنا العلامة الإمام أوحد الزمان فلان . مع كون ابن الصلاح لو عرض عليه هذا في حق شيخه لأباه ، وهو توسع أشار ابن دقيق العيد إلى منعه .

( أما ) وهو القسم الثاني ( إذا الشيخ ) الذي حدثك ( أتم النسبا ) لشيخه أو من فوقه ( في أول الجزء ) أو الكتاب ( فقط ) ، واقتصر في باقيه على اسمه خاصة ، أو نسبه ، كما يقع في " حديث المخلص " حيث يقال في أول الجزء : حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي ، ابن بنت أحمد بن منيع . ثم يقتصر فيما بعده على : حدثنا عبد الله .

( فذهبا الأكثرون ) من العلماء كما حكاه الخطيب عنهم ( لجواز أن يتم ما بعده ) أي : ما بعد الأول اعتمادا على ذكره كذلك أولا ، سواء فصل ، يعني بما تقدم ، أم لا .

والفرق بينه وبين ما قبله أن هناك لم يذكر المدرج أصلا ، فهو إدراج لشيء لم يسمعه ، فوجب الفصل فيه ، ( والفصل ) هنا ( أولى ) لما فيه من الإفصاح بصورة الحال ، وعدم الإدراج ، ( وأتم ) لجمعه بين الأمرين .

وقد صرح بالأولوية بعضهم كما نقله عنه الخطيب ، واستحسنه ، وخدش ما حكاه عن شيخه أبي بكر أحمد بن علي [ ص: 189 ] الأصبهاني نزيل نيسابور ، وأحد الحفاظ المجودين أهل الورع والدين حيث قال : وسألته عن أحاديث كثيرة رواها لنا قال فيها : أنا أبو عمرو ابن حمدان ، أن أبا يعلى أحمد بن علي بن المثنى الموصلي أخبرهم ، وأنا أبو بكر بن المقرئ ، أن إسحاق بن أحمد بن نافع حدثهم ، وأنا أبو أحمد الحافظ ، أن أبا يوسف محمد بن سفيان الصفار أخبرهم . فذكر لي أن هذه الأحاديث سمعها على شيوخه في جملة نسخ نسبوا الذين حدثوه بها في أولها ، واقتصروا في بقيتها على ذكر أسمائهم . بأن قوما من الرواة كانوا يقولون فيما أجيز ، يعني لشيوخهم : أنا فلان ، أن فلانا حدثهم . كما تقدم في : كيف يقول من روى بالمناولة ؟ قبيل قسم المكاتبة ، مع حكاية من أنكر هذا الصنيع .

وقال الخطيب : فاستعمل ما ذكرت ، فإنه أنفى للظنة . يعني في كونه إجازة ، وإن كان المعنى في العبارتين واحدا ، وحينئذ ، فأولاها - كما قال ابن الصلاح - هو ، ثم " يعني " ، ثم " إن " ، ثم إيراد ما ذكر أولا ، ومن منع الرواية بالمعنى لا يجيز الأخير .

التالي السابق


الخدمات العلمية