فتح المغيث بشرح ألفية الحديث للعراقي

السخاوي - شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي

صفحة جزء
تقديم المتن على السند .


( 665 ) وسبق متن لو ببعض سند لا يمنع الوصل ولا أن يبتدي [ ص: 194 ]      ( 666 ) راو كذا بسند فمتجه
وقال خلف النقل معنى يتجه      ( 667 ) في ذا كبعض المتن قدمت على
بعض ففيه ذا الخلاف نقلا

[ تقديم المتن على السند لا يمنع الوصل ] : الفصل العاشر : ( تقديم المتن على السند ) جميعه أو بعضه . ( وسبق متن ) على جميع سنده كما جاء من ابن جريج قال : نزلت : ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم . في عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي السهمي ، بعثه النبي صلى الله عليه وسلم في سرية . أخبرنيه يعلى بن مسلم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس .

وعن الربيع بن خثيم أنه قال : ( من قال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ) . الحديث . فقيل له : من حدثك بهذا ؟ قال : عمرو بن ميمون . يعني عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن أبي أيوب .

وكقول البخاري في أواخر العلم من ( صحيحه ) : وقال علي : ( حدثوا الناس بما يعرفون ، أتحبون أن يكذب الله ورسوله ) .

حدثنا به عبيد الله بن موسى ، عن معروف بن خربوذ ، عن أبي الطفيل ، عن علي . جائز ، و ( لو ) كان سبقه مقترنا ( ببعض سند ) سواء كان البعض السابق مما يلي الراوي كقول أحمد : سمعت سفيان يقول : ( إذا كفى الخادم أحدكم طعامه فليجلسه فليأكل معه ) الحديث .

وقرئ عليه إسناده : سمعت أبا الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم به .

وقوله أيضا : حدثنا سفيان قال : ( يا أيها الناس ، لا يقتل بعضكم بعضا ، إذا رميتم الجمرة فارموها بمثل حصى الخذف ) . وقرئ عليه إسناده : يزيد بن أبي زياد ، عن سفيان ، عن عمرو بن الأحوص ، عن أمه ، يعني عن النبي صلى الله عليه وسلم به .

وحكى أحمد أن شريكا لم [ ص: 195 ] يكن يحدث إلا هكذا ، كان يذكر الحديث فيقول : فلان . فيقال : عمن ؟ فيقول : عن فلان .

أو مما يلي المتن كأن يقول : روي عن عمرو بن دينار ، عن جابر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم كذا . أنا به فلان . ويسوق سنده إلى عمرو .

وسواء كان ذلك في مجلس واحد أو مجلسين ، كما حكى مالك قال : كنا نجلس إلى الزهري فيقول : قال ابن عمر كذا . ثم نجلس إليه بعد ذلك فأقول له : الذي ذكرت عن ابن عمر ; من أخبرك به ؟ قال : ابنه سالم .

وممن صرح بجواز ذلك أحمد ، بل وفعله كما تقدم ، وعن سعيد بن عامر أنه لا بأس به . و ( لا يمنع ) السبق في ذلك ( الوصل ) ، بل يحكم باتصاله كما إذا قدم السند على المتن .

( و ) كذا ( لا ) يمنع ( أن يبتدي ) راو تحمل من شيخه هـ ( كذا ) المتن ( بسند ) ويؤخر المتن كالجادة المألوفة ( فـ ) هذا ( متجه ) كما جوزه بعض المتقدمين من المحدثين . وكلام أحمد يشعر به ، فإن أبا داود سأله : هل لمن سمع كذلك أن يؤلف بينهما ؟ قال : نعم . وبه صرح ابن كثير من المتأخرين فقال : الأشبه عندي جوازه .

ويلتحق بذلك تقديم اسم شيخه على الصيغة ، كأن يقول الإمام أحمد مثلا : سفيان بن عيينة حدثني .

( وقال ) ابن الصلاح و ( خلف ) أي : الخلاف في ( النقل معنى ) أي : بالمعنى ( يتجه ) مجيئه ( في ذا ) الفرع ( كبعض المتن ) إذا ( قدمت ) به ( على بعض ففيه ) أيضا ( ذا الخلاف ) كما عن الخطيب قد ( نقلا ) ، فلا فرق بين الفرعين .

ولكن قد منع البلقيني مجيء الخلاف في فرعنا ، وفرق بأن تقديم [ ص: 196 ] بعض المتن قد يؤدي إلى خلل في المقصود في العطف وعود الضمير ونحو ذلك ، بخلاف تقديم المتن على السند .

وسبقه إلى الإشارة لذلك النووي ، فقال في ( إرشاده ) : والصحيح أو الصواب جواز هذا ، وليس كتقديم بعض المتن على بعض ، فإنه قد يتغير به المعنى بخلاف هذا .

وقال في موضع آخر : الصحيح الذي قاله بعض المتقدمين القطع بجوازه . وقيل : فيه خلاف كتقديم بعض المتن على بعض . على أن لقائل أن يقول : إن ابن الصلاح إنما أطلق استغناء بما تقرر من شروط الرواية بالمعنى ، لكن قد قال النووي : إنه ينبغي أن يقطع بجوازه إن لم يكن المتن المتقدم مرتبطا بالمؤخر . ثم إنه يستثنى من الجواز ما يقع لابن خزيمة ، فإنه يفعله إذا كان في السند من فيه مقال حيث يبتدئ من المتكلم فيه ، ثم بعد الفراغ من المتن يذكر أول السند ، وقال : إن من رواه على غير هذا الوجه لا يكون في حل منه .

ولذا قال شيخنا : إنه ينبغي أن القائل بالرواية بالمعنى لا يجوز مثل هذا . يعني حيث لم يبين . وكذا ميز أبو بكر الإسماعيلي بين ما يخرجه في ( مستخرجه ) من طريق من يعرض في القلب منه شيء ، وبين الصحيح على شرطه ، بذكر الخبر من فوق ، ثم بعد فراغه منه يقول : أخبرنيه فلان ، عن فلان . كما نبه عليه في ( المدخل ) .

وممن منع تقديم بعض المتن على بعض ابن عمر ، وذلك أنه روى حديث . ( بني الإسلام على خمس ) . وفيه ( حج البيت ، وصيام رمضان ) . فأعاده بعض من حضر بتقديم الصيام ، فقال : لا ، اجعل الصيام آخرهن كما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم . [ ص: 197 ] وربما شك بعضهم في ذلك فرواه مع التردد كحديث : ( أهل بيتي والأنصار عيبتي وكرشي ) . أو : ( كرشي وعيبتي ) . وكحديث أسلم وغفار أو غفار وأسلم . ومنهم من يصرح بالشك كقول عاصم في حديث : ( فأوسعوا على أنفسكم إذا وسع الله عليكم ) . أو : ( إذا وسع الله عليكم فأوسعوا على أنفسكم ) : لا أدري بأيهما بدأ .

أورد ذلك كله الخطيب في باب المنع من تقديم كلمة على أخرى من ( كفايته ) ، وكذا بوب لهذا الحافظ عبد الغني بن سعيد ، وحكى فيه الجواز إذا لم يتغير المعنى عن الحسن وسليمان التميمي والد المعتمر .

التالي السابق


الخدمات العلمية