فتح المغيث بشرح ألفية الحديث للعراقي

السخاوي - شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي

صفحة جزء
[ جواز إيراد اللفظ المحال عليه في نحوه لا في مثله ] :

( والمنع ) وهو قول مفصل ( في نحو ) بالتنوين ، أي : في نحوه ( فقط ) أي : دون " مثله " ، قد حكيا [ ص: 201 ] فيما رواه عباس بن محمد الدوري عن ابن معين حيث قال : إذا كان حديث عن رجل وعن رجل آخر مثله ، فلا بأس أن يرويه إذا قال : مثله . إلا أن يقول : نحوه .

يعني عملا بظاهر اللفظين إذ " مثله " يعطي التساوي في اللفظ بخلاف " نحوه " ، حتى قال الحاكم : إنه لا يحل للمحدث أن يقول : مثله . إلا بعد أن يعلم أنهما على لفظ واحد ، ويحل أن يقول : نحوه . إذا كان على مثل معانيه .

قال الخطيب : ( وذا ) أي : ما ذهب إليه ابن معين ( على ) عدم جواز ( النقل بمعنى ) أي : بالمعنى ( بنيا ) فأما من أجازه فلا فرق عنده بين اللفظين .

قال : ( واختير ) من غير واحد من العلماء حين رواية ما يكون من هذا القبيل ( أن ) يورد الإسناد ( ويقول ) : فذكر ( مثل ) أو نحو أو معنى ( متن ) ذكر ( قبل ومتنه كذا ويبني ) اللفظ الأول على السند الثاني بهذه الكيفية .

قال الخطيب : وهذا هو الذي أختاره . يعني لما فيه من الاحتياط بالتعيين وإزالة الإيهام والاحتمال بحكاية صورة الحال . وقال النووي في ( شرح مسلم ) : إنه لا شك في حسنه - انتهى .

وما لعله يقال من كون هذا الصنيع يوهم سماع المتن الثاني ، وأنه إنما تركه لغرض ما ليس بقادح ، وقد فعله بنحوه أحمد فإنه قال في مسند عمر من مسنده . ثنا يحيى بن سعيد ، عن إسماعيل - هو ابن أبي خالد - ثنا عامر - هو الشعبي - ح ، وثنا محمد بن عبيد - يعني الطنافسي - ثنا إسماعيل - يعني المذكور - عن رجل ، عن الشعبي قال : مر عمر بطلحة . فذكر معناه ، قال : مر عمر بطلحة فرآه مهتما قال : لعله شاك إمارة ابن عمك . وساقه ، فقوله : قال : مر الثاني [ ص: 202 ] هو لفظ السند الأول المشار إليه بأن لفظ السند الثاني بمعناه .

وكذا البخاري ، لكن حيث لم يسق للمتن المشار إليه بـ " نحو " طريقا يعود الضمير عليها ، فإنه أخرج في خلق آدم من أحاديث الأنبياء من طريق ابن المبارك ، عن معمر ، عن همام ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم . فقال : نحوه .

وقال عقبه ما نصه : يعني : ( لولا بنو إسرائيل لم يخنز اللحم ، ولولا حواء لم تخن أنثى زوجها ) . وكأنه لكون الرواية المحال عليها لم يسمعها ، أو سمعها بسند على غير شرطه ، أو نحو ذلك .

وليس من هذا القبيل إيراده في الزكاة من طريق منصور والأعمش ، كلاهما عن أبي وائل ، عن مسروق ، عن عائشة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم . وقال : يعني : ( إذا تصدقت المرأة من بيت زوجها ) . بل هذا أشار به إلى أنه روى ما أورده من هذا الحديث بالمعنى .

التالي السابق


الخدمات العلمية