فتح المغيث بشرح ألفية الحديث للعراقي

السخاوي - شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي

صفحة جزء
[ حكم ذكر بعض أوصاف الشيوخ ] :

( والشيخ ) المملي ( ترجم الشيوخ ) الذي روى أو أفاد عنهم بذكر بعض أوصافهم الجميلة ، ( ودعا ) أيضا لهم بالمغفرة والرحمة ، إذ هم آباؤهم في الدين ، ووصلة بينه وبين رب العالمين ، وهو مأمور بالدعاء لهم وبرهم وذكر مآثرهم والثناء عليهم وشكرهم ، وقد قال ابن راهويه : قل ليلة إلا وأنا أدعو فيها لمن كتب عنا ، ولمن كتبنا عنه .

وقد كان أبو هريرة رضي الله عنه يقول : ( سمعت خليلي الصادق المصدوق ) .

وقال ابن مسعود : ( وحدثني الصادق المصدوق ) .

وقال عبد الله بن يزيد : ( ثنا البراء وهو غير كذوب ) .

وقال أبو مسلم الخولاني فيما رواه مسلم : ( حدثني الحبيب الأمين - أما هو إلي فحبيب وأما هو عندي فأمين - عوف بن مالك ) .

وقال مسروق : ( حدثتني الصديقة ابنة الصديق حبيبة حبيب الله المبرأة عائشة ) . [ ص: 259 ] وقال عطاء بن أبي رباح : ( حدثني البحر . يريد ابن عباس ) .

وقال الشعبي : ( ثنا الربيع بن خثيم ، وكان من معادن الصدق ) .

وقال ابن عيينة : ( ثنا أوثق الناس أيوب ) .

وقال شعبة : ( حدثني سيد الفقهاء أيوب ) .

وقال هشام بن حسان : ( حدثني أصدق من أدركت من البشر محمد بن سيرين ) .

وقال وكيع : ( ثنا سفيان أمير المؤمنين ) .

وقال محمد بن بشر : ( ثنا الثقة الصدوق المأمون خالد بن سعيد ) .

وقال الحسن بن الصباح البزار : ( ثنا أحمد بن حنبل شيخنا وسيدنا ) .

وقال يعقوب بن سفيان : ( ثنا الحميدي ، وما لقيت أنصح للإسلام وأهله منه ) .

وقال ابن خزيمة : ( ثنا من لم تر عيناي مثله محمد بن أسلم الطوسي ) . وقال العلائي : ( ثنا الإمام أبو إسحاق الطبري وهو أجل شيخ لقيته . في أشباه لهذا كثيرة ) .

وليحذر من التجاوز إلى ما لا يستحقه الشيخ ، كأن يصفه بالحفظ وهو غير حافظ ; لما يترتب على ذلك من الضرر .

وكذا يترجم شيوخه بذكر أنسابهم ، فقد قال الخطيب : وإذا فعل المستملي ما ذكرته ، يعني من قوله : من ذكرت . إلى آخره ، قال الراوي : ثنا فلان ، ثم نسب شيخه الذي سماه حتى يبلغ بنسبه منتهاه ، كقول شاذان : ثنا سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ثور بني تميم ، وثنا شريك بن عبد الله بن أبي شريك بن الحارث النخعي ، وثنا الحسن بن صالح بن حي الهمداني ثم الثوري ثور همدان ، وثنا شعبة بن الحجاج أبو بسطام مولى الأزد ، وثنا عبد الله بن المبارك الخراساني . قال : والجمع بين اسم الشيخ وكنيته أبلغ في إعظامه ، وأحسن في تكرمته . [ ص: 260 ] قال عباس الدوري : قلما سمعت أحمد يسمي ابن معين باسمه ، إنما كان يقول : قال أبو زكريا .

وعن الحسن أنه قال : يجب للعالم ثلاث خصال : تخصه بالتحية ، وتعمه بالسلام مع الجماعة ، ولا تقل : ثنا فلان . بل قل : ثنا أبو فلان . وإذا قرأ فمل لا يضجر .

وللبخاري في ( الأدب المفرد ) عن أبي هريرة قال : ( لا تسم أباك باسمه ، ولا تمش أمامه ، ولا تجلس قبله ) .

وعن شهر بن حوشب قال : ( خرجت مع ابن عمر فقال له سالم : الصلاة يا أبا عبد الرحمن ) .

وعن ابن عمر أنه قال : لكن أبو حفص عمر يقضي .

قال الخطيب : وجماعة يقتصرون على اسم الراوي دون نسبه إذا كان أمره لا يشكل ، ومنزلته من العلم لا تجهل ، كعامة أصحاب ابن المبارك حيث يروون عنه باسمه فقط لا ينسبونه ، وكذا إذا كان اسمه مفردا عن أهل طبقته لحصول الأمان من دخول الوهم في تسميته ; كقتادة ومسعر ، ومنهم من يقتصر على شهرته بالنسبة إلى أبيه أو قبيلته ولا يسميه ، كابن لهيعة وابن عيينة والشعبي والثوري ، وكل ذلك جائز .

التالي السابق


الخدمات العلمية