[  
اعتماد عالي الإسناد واجتناب المشكل     ] : ( واعتمد ) فيما ترويه ( عالي إسناد ) لما في العلو من الفضل ، وكذا اعتمد ( قصير متن ) لمزيد الفائدة فيه ، يعني بالنظر إلى الأحكام ونحوها ، حتى قال  
أبو عاصم     : الأحاديث القصار هي اللؤلؤ . بخلاف الطويل غالبا .  
وقد قال  
 nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب السختياني     : قال لنا  
عكرمة     : ألا أخبركم بأشياء قصار حدثنا بها  
 nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة     : (  
nindex.php?page=hadith&LINKID=930002نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشرب من فم القربة أو السقاء ، وأن يمنع جاره أن يغرز خشبه في داره     ) . إلا أن يكون يشتمل على جمل من الأحكام فينزل كل جملة منها منزلة حديث واحد . قال  
 nindex.php?page=showalam&ids=16609علي بن حجر     :  
وظيفتنا مائة للغريب  في كل يوم سوى ما يعاد      شريكية أو هشيمية  
أحاديث فقه قصار جياد  
 [ ص: 267 ] وكان  
علي  قد انفرد  
بشريك  وهشيم     .  
( واجتنب ) في إملاءك (  
المشكل ) من الحديث الذي لا تحتمله عقول العوام  ، كأحاديث الصفات التي ظاهرها يقتضي التشبيه والتجسيم وإثبات الجوارح والأعضاء للأزلي القديم ( 1 ) ، وإن كانت الأحاديث في نفسها صحاحا ، ولها في التأويل طرق ووجوه ، إلا أن من حقها ألا تروى إلا لأهلها .  
( خوف الفتن ) بفتح الفاء وسكون التاء مصدر : فتن ، أي ; الافتتان والضلال ، فإنه لجهل معانيها يحملها على ظاهرها أو يستنكرها فيردها ويكذب رواتها ونقلتها .  
وقد صح قوله صلى الله عليه وسلم : (  
nindex.php?page=hadith&LINKID=929973كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع     ) .  وقول  
علي     : ( حدثوا الناس بما يعرفون ، ودعوا ما ينكرون ، أتحبون أن يكذب الله ورسوله ؟     ) .  
وقول  
 nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود     : ( إن الرجل ليحدث بالحديث فيسمعه من لا يبلغ عقله فهم ذلك الحديث فيكون عليه فتنة     ) .  
وقول  
 nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب السختياني     : ( لا تحدثوا الناس بما لا يعلمون فتضروهم     ) .  
وقول  
مالك     : (  شر العلم الغريب ، وخير العلم المعروف المستقيم     ) .  
وكذا  قال  
الخطيب     : ( إن مما رأى العلماء أن الصدوف عن روايته للعوام أولى أحاديث الرخص ، وإن تعلقت بالفروع المختلف فيها دون الأصول ، كحديث الرخصة في النبيذ )     . ثم ذكر أن إطراح أحاديث  
بني إسرائيل   المأثورة عن أهل الكتاب ، وما نقل عن أهل الكتاب ، واجب ، والصدوف عنه لازم ،      
[ ص: 268 ] وأما ما حفظ من أخبار  
بني إسرائيل   وغيرهم من المتقدمين عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وعلماء السلف ، فإن روايته تجوز ، ونقله غير محظور .  
ثم روي عن  
 nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي  أن معنى حديث : (  
حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج     ) أي لا بأس أن تحدثوا عنهم بما سمعتم ، وإن استحال أن يكون في هذه الأمة ، مثل ما روي أن ثيابهم تطول ، والنار التي تنزل من السماء فتأكل القربان . انتهى .  
لكن قال بعض العلماء : إن قوله : ( ولا حرج ) في موضع الحال ; أي : حدثوا عنهم حال كونه لا حرج في التحديث عنهم بما حفظ من أخبارهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يعني : وعن صحابته والعلماء ، كما قاله  
الخطيب     ; فإن روايته تجوز ، انتهى .  
وقد بينت ذلك واضحا في كتابي ( الأصل الأصيل في تحريم النقل من التوراة والإنجيل ) .  
وكذا قال  
الخطيب     : وليجتنب ما شجر بين الصحابة ، ويمسك عن ذكر الحوادث التي كان فيهم ; لحديث  
 nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود  الذي أورده في كتابه في ( القول في علم النجوم ) ، رفعه : ( إذا ذكر أصحابي فأمسكوا ) . وهو عند  
 nindex.php?page=showalam&ids=13357ابن عدي  من حديث  
 nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر  أيضا ، وكلاهما لا يصح .  
وقد قال  
زيد العمي     : أدركت أربعين شيخا من التابعين ، كلهم يحدثونا عن الصحابة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (
من أحب جميع أصحابي وتولاهم واستغفر لهم      [ ص: 269 ] جعله الله يوم القيامة معهم في الجنة     ) .  
وقال  
الضحاك     : لقد أمرهم بالاستغفار لهم ، وهو يعلم أنهم سيحدثون ما أحدثوا .  وعن  
 nindex.php?page=showalam&ids=14835العوام بن حوشب  قال : أدركت ما أدركت من خيار هذه الأمة ، وبعضهم يقول لبعضهم : اذكروا محاسن أصحاب  
محمد   صلى الله عليه وسلم ; لتأتلف عليها القلوب .  
قلت : وإنما يتيسر للمملي ما تقرر إثباتا ونفيا ; حيث لم يتقيد بكتاب مخصوص ، وأما مع التقييد ، كما فعل الناظم في تخريج ( المستدرك ) و ( أمالي  
الرافعي     ) ، وشيخنا في تخريج  
ابن الحاجب الأصلي  و ( الأذكار ) ونحو ذلك ، فإنه - والحالة هذه - تابع لأصله ، لا يخرج عنه مع كونه لا ينهض له إلا من قويت في العلم براعته ، واتسعت روايته ، والله الموفق .