فتح المغيث بشرح ألفية الحديث للعراقي

السخاوي - شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي

صفحة جزء
[ الكبر والحياء في طلب العلم ] : ( ولا تكن ) أيها الطالب ( يمنعك التكبر أو الحيا ) بالقصر ( عن طلب ) لما يفتقر إليه من الحديث والعلم ; فقد قال مجاهد كما علقه البخاري في صحيحه عنه : لا ينال العلم مستحي - بإسكان الحاء - ولا متكبر . وأراد بذلك تحريض المتعلمين على ترك العجز والتكبر ; لما يؤثر كل منهما من النقص في التعلم .

وروينا في ( المجالسة ) للدينوري عن [ ص: 291 ] الحسن أنه قال : من استتر عن طلب العلم بالحياء لبس الجهل سربالا ، فقطعوا سرابيل الحياء ; فإنه من رق وجهه رق علمه .

ولا ينافي ذلك كون الحياء من الإيمان ; لأن ذلك هو الشرعي الذي يقع على وجه الإجلال والاحترام للأكابر ، وهو محمود ، والذي هنا ليس بشرعي ، بل هو سبب لترك أمر شرعي ، فهو مذموم .

وروينا عن عمر بن الخطاب وابنه رضي الله عنهما ، أنهما قالا : من رق وجهه رق علمه . ويفسره قول بعضهم : من رق وجهه عند السؤال رق علمه عند الرجال . ومنه قول علي : قرنت الهيبة بالخيبة . وعن الأصمعي قال : من لم يحتمل ذل التعليم ساعة بقي في ذل الجهل أبدا . أسنده ابن السمعاني فيمن اسمه إبراهيم من ذيله على ( تاريخ بغداد ) ، ونظمه شيخنا فقال :


عن الأصمعي جاءت إلينا مقاله تجدد بالإحسان في الناس ذكره     متى يحتمل ذل التعليم ساعه
وإلا ففي ذل الجهالة دهره

التالي السابق


الخدمات العلمية