فتح المغيث بشرح ألفية الحديث للعراقي

السخاوي - شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي

صفحة جزء
[ للحسن قسمان ] ( وقال ) أي : ابن الصلاح ( بان ) أي : ظهر ( لي بإمعاني ) أي : بإطالتي وإكثاري ( النظر ) والبحث جامعا بين أطراف كلامهم ، ملاحظا مواقع استعمالهم ( أن له ) أي الحسن ( قسمين ) : أحدهما - يعني وهو المسمى بالحسن لغيره - : أن يكون في الإسناد مستور لم تتحقق أهليته ، غير مغفل ، ولا كثير الخطأ في روايته ، ولا يتهم بتعمد الكذب فيها ، ولا ينسب إلى مفسق آخر ، واعتضد بمتابع أو شاهد .

وثانيهما - يعني وهو الحسن لذاته - : أن تشتهر رواته بالصدق ، ولم يصلوا في الحفظ رتبة رجال الصحيح .

قلت : وهذا الثاني هو الحسن حقيقة ، بخلاف الآخر ، فهو لكونه يطلق على مرتبة من مراتب الضعيف - مجاز ، كما يطلق اسم الصحيح مجازا على الثاني .

ثم إن القسمين ( كل ) من الترمذي والخطابي ( قد ذكر ) منهما ( قسما ) ، وترك آخر لظهوره ، كما هو مقتضى كل من الاحتمالين الماضيين في الترمذي - أو ذهوله ; فكلام الترمذي يتنزل عند ابن الصلاح على أولهما ، وكلام الخطابي على ثانيهما ، لكن ليس الأول عنده من قبيل الحسن .

وحينئذ فتركه له لذلك ، لا لما تقدم ، ( وزاد ) أي ابن الصلاح في كل منهما ( كونه ما عللا ولا بنكر أو شذوذ ) أي : بكل منهما ( شملا ) بناء على تغايرهما ، أما مع [ ص: 92 ] ترادفهما - كما سيأتي البحث فيه - فاشتراط انتفاء أحدهما كاف .

ولذا اقتصر في الصحيح على نفي الشذوذ فقط ، بل وكذا الحسن ، كما صرح به الترمذي ، وحينئذ فزيادة ابن الصلاح له إنما هي بالنسبة للخطابي خاصة بخلاف العلة مع إمكان أن يكون مجيء الجابر على وفقه يغني الترمذي عن التصريح بنفيها .

ولكن قد قرر شيخنا منع اشتراطه نفيها ، وظهر بما قررته تفصيل ما أجمله ابن دقيق العيد ; حيث قال عقب كلام ابن الصلاح : وفيه مباحثات ومناقشات على بعض الألفاظ ، ولذلك مع اختلال غيرها من تعاريفه ، قيل : إنه لا مطمع في تمييزه .

ولكن الحق أن من خاض بحار هذا الفن ، سهل ذلك عليه ، كما قاله شيخنا ; ولذا عرف الحسن لذاته ، فقال : هو الحديث المتصل الإسناد برواة معروفين بالصدق ، في ضبطهم قصور عن ضبط رواة الصحيح ، ولا يكون معلولا ولا شاذا ، ومحصله أنه هو والصحيح سواء ، إلا في تفاوت الضبط .

فراوي الصحيح يشترط أن يكون موصوفا بالضبط الكامل ، وراوي الحسن لا يشترط أن يبلغ تلك الدرجة ، وإن كان ليس عريا عن الضبط في الجملة ; ليخرج عن كونه مغفلا ، وعن كونه كثير الخطأ ، وما عدا ذلك من الأوصاف المشترطة في الصحيح ، فلا بد من اشتراط كله في النوعين . انتهى .

وأما مطلق الحسن فهو الذي اتصل سنده بالصدوق الضابط المتقن غير تامهما ، أو بالضعيف بما عدا الكذب إذا اعتضد مع خلوهما عن الشذوذ والعلة .

التالي السابق


الخدمات العلمية