فتح المغيث بشرح ألفية الحديث للعراقي

السخاوي - شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي

صفحة جزء
[ تصنيف الحديث معللا ] :

( وجمعه ) ; أي : الحديث في الطريقين أو الطرق ، ( معللا ) يعني على العلل بأن يجمع في كل متن طرقه ، واختلاف الرواة فيه ، بحيث يتضح إرسال ما يكون متصلا ، أو وقف ما يكون مرفوعا ، أو غير ذلك كما قرر في بابه .

ففي الأبواب كما فعل أبو محمد بن أبي حاتم ، وهو أحسن لسهولة تناوله ، وفي المسانيد ( كما فعل ) الحافظ الكبير الفقيه المالكي أبو يوسف ( يعقوب ) بن شيبة بن الصلت بن عصفور السدوسي البصري نزيل بغداد ، وتلميذ أحمد وابن المديني وابن معين المتوفى في سنة اثنتين وستين ومائتين ( 262 ) ، وأبو علي الحسين بن محمد الماسرجسي النيسابوري ، فله مسند معلل في ألف وثلاثمائة جزء ، [ ص: 323 ] والدارقطني طريقة ثانية في الطريقتين .

وهي ( أعلى رتبة ) منه فيهما ، أو فيها بدونها ; فإن معرفة العلل أجل أنواع الحديث ، حتى قال ابن مهدي : لأن أعرف علة حديث هو عندي أحب إلي من أن أكتب عشرين حديثا ليس عندي .

( و ) لكن مسند يعقوب حسبما زاده الناظم ( ما كمل ) ، بل الذي ظهر منه - كما قال الخطيب في تاريخه - مسند العشرة ، والعباس وابن مسعود ، وعتبة بن غزوان ، وبعض الموالي ، وعمار ، واتصل الأول من عمار ، خاصة للذهبي وشيخنا ومؤلفه ، ورأيت بعض الأجزاء من مسند ابن عمر .

قال الذهبي : ( وبلغني أن مسند علي منه في خمس مجلدات . قال الأزهري : وقيل لي : إن نسخة لمسند أبي هريرة منه شوهدت بمصر ، فكانت مائتي جزء ، قال : وبلغني أنه كان في منزله أربعون لحافا أعدها لمن كان يبيت عنده من الوراقين الذين يبيضون المسند ، ولزمه على ما خرج منه عشرة آلاف دينار ، يعني لمن يبيضه ) .

وقال غيره : إنه لو تم لكان في مائتي مجلد ، ولنفاسته قال الدارقطني : لو كان مسطورا على حمام لوجب أن يكتب ، يعني : لا يحتاج إلى سماع . وبالجملة فقد قال الأزهري : سمعت الشيوخ يقولون : إنه لم يتمم مسند معلل .

[ ص: 324 ] ولهم طريقة أخرى في جمع الحديث ، وهي جمعه على حروف المعجم ، فيجعل حديث : ( إنما الأعمال بالنيات ) في الهمزة ، كأبي منصور الديلمي في ( مسند الفردوس ) ، كذا عمل ابن طاهر في أحاديث ( الكامل ) لابن عدي ، وسلكت ذلك في ما اشتهر على الألسنة .

ومنهم من يرتب على الكلمات ، لكن غير متقيد بحروف المعجم ، مقتصرا على ألفاظ النبوة فقط ، ( كالشهاب ) و ( المشارق ) للصغاني ، وهو أحسنهما وأجمعهما مع اقتصاره على الصحيح خاصة .

ثم من هؤلاء من يلم بغريب الحديث وإعرابه أو أحكامه وآراء الفقهاء فيه كما سيأتي بسطه في غريب الحديث .

التالي السابق


الخدمات العلمية