فتح المغيث بشرح ألفية الحديث للعراقي

السخاوي - شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي

صفحة جزء
العالي والنازل .


( 737 ) وطلب العلو سنة وقد فضل بعض النزول وهو رد      ( 738 ) وقسموه خمسة ، فالأول
قرب من الرسول وهو الأفضل      ( 739 ) إن صح الإسناد وقسم القرب
إلى إمام وعلو نسبي      ( 740 ) بنسبة للكتب الستة إذ
ينزل متن من طريقها أخذ

[ الإسناد خصيصة لهذه الأمة ] أقسام ( العالي ) من السند ( والنازل ) ، وبيان أفضلهما ، وما يلتحق بذلك من بيان الموافقة والبدل والمصافحة والمساواة .

أصل الإسناد أولا خصيصة فاضلة من خصائص هذه الأمة ، وسنة بالغة من السنن [ ص: 330 ] المؤكدة كما أشرت إليه قبيل مراتب التعديل .

وقد روينا من طريق أبي العباس الدغولي قال : سمعت محمد بن حاتم بن المظفر يقول : إن الله قد أكرم هذه الأمة وشرفها وفضلها بالإسناد ، وليس لأحد من الأمم كلها قديمها وحديثها إسناد ، إنما هو صحف في أيديهم ، وقد خلطوا بكتبهم أخبارهم ، فليس عندهم تمييز بين ما نزل من التوراة والإنجيل وبين ما ألحقوه بكتبهم من الأخبار التي أخذوها عن غير الثقات .

وهذه الأمة إنما تنص الحديث عن الثقة المعروف في زمانه المشهور بالصدق والأمانة عن مثله ، حتى تتناهى أخبارهم ، ثم يبحثون أشد البحث حتى يعرفوا الأحفظ فالأحفظ ، والأضبط فالأضبط ، والأطول مجالسة لمن فوقه ممن كان أقل مجالسة ، ثم يكتبون الحديث من عشرين وجها أو أكثر حتى يهذبوه من الغلط والزلل ، ويضبطوا حروفه ، ويعدوه عدا ، فهذا من أفضل نعم الله على هذه الأمة ، فنستوزع الله شكر هذه النعمة .

وقال أبو حاتم الرازي : لم يكن في أمة من الأمم منذ خلق الله آدم أمناء يحفظون آثار الرسول إلا في هذه الأمة .

وقال أبو بكر محمد بن أحمد : بلغني أن الله خص هذه الأمة بثلاثة أشياء لم يعطها من قبلها : الإسناد والأنساب والإعراب .

وعند الحاكم في ترجمة عبد الله بن طاهر من تاريخه بسنده إلى إسحاق بن [ ص: 331 ] إبراهيم الحنظلي قال : كان عبد الله بن طاهر إذا سألني عن حديث فذكرته له بلا إسناد سألني عن إسناده ، ويقول : رواية الحديث بلا إسناد من عمل الزمنى ; فإن إسناد الحديث كرامة من الله عز وجل لأمة محمد صلى الله عليه وسلم .

وكذا قال ابن المبارك : ( الإسناد من الدين ، لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء ) .

وفي رواية : مثل الذي يطلب أمر دينه بلا إسناد كمثل الذي يرتقي السطح بلا سلم .

وفي رواية عنه كما في مقدمة مسلم : ( بيننا وبين القوم القوائم ) يعني الإسناد .

وقال أيضا لمن سأله عن حديث عن الحجاج بن دينار عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في المقدمة أيضا : ( إن بين الحجاج وبين النبي صلى الله عليه وسلم مفاوز تنقطع فيها أعناق المطي ) .

وعن الشافعي قال : ( مثل الذي يطلب الحديث بلا إسناد كمثل حاطب ليل ) .

وعن الثوري قال : ( الإسناد سلاح المؤمن ، فإذا لم يكن معه سلاح فبأي شيء يقاتل ؟ ) .

وقال بقية : ( ذاكرت حماد بن زيد بأحاديث ، فقال : ما أجودها لو كان لها أجنحة ؟ يعني الأسانيد ) .

وقال مطر في قوله تعالى : أو أثارة من علم ، قال : ( إسناد الحديث ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية