فتح المغيث بشرح ألفية الحديث للعراقي

السخاوي - شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي

صفحة جزء
[ أمثلة الحسن ] وله أمثلة كثيرة ( كمتن ) أي حديث " ( لولا أن أشق ) على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة .

( إذ تابعوا محمد بن عمرو ) بن علقمة راويه عن أبي سلمة ( عليه ) في شيخ شيخه ; حيث رواه جماعة غير أبي سلمة عن أبي هريرة ، [ ص: 98 ] اتفق الشيخان عليه من حديث الأعرج ، أحدهم نعم تابعه محمد بن إبراهيم فيما رواه محمد بن إسحاق عنه عن أبي سلمة ، لكنه جعل صحابي الحديث زيد بن خالد الجهني ، لا أبا هريرة ، وفيه قصة .

وكذا تابعه المقبري فيما رواه محمد بن عجلان عنه عن أبي سلمة ، فجعل الصحابي عائشة ، وكل منهما متابعة قاصرة ، وقد صححه الترمذي عن أبي سلمة عن أبي هريرة وزيد ، وصححه ابن حبان عن عائشة .

( فارتقى ) المتن من طريق ابن علقمة بهذه المتابعات ( الصحيح يجري ) إليه ، وإلا فهو إذا انفرد لا يرتقي حديثه عن الحسن ; لكونه مع صدقه وجلالته الموثق بهما كان يخطئ بحيث ضعف ، ولم يخرج له البخاري إلا وهو مقرونا بغيره ، وخرج له مسلم في المتابعات ، ثم إنه لا يلزم من الاقتصار على هذا المثال الذي تعددت طرقه اشتراط ذلك ، بل المعتمد ما قدمته ، [ ومن اشتراط التعدد في الحسن لغيره قد يفرق بينهما ] .

وكذا من أمثلته ما رواه الترمذي من طريق إسرائيل عن عامر بن شقيق ، عن أبي وائل ، عن عثمان بن عفان أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يخلل لحيته . تفرد به عامر ، وقد قواه البخاري ، والنسائي ، وابن حبان ، ولينه ابن معين وأبو حاتم .

وحكم البخاري فيما حكاه الترمذي في العلل ; بأن حديثه هذا حسن .

وكذا قال أحمد فيما حكاه عنه أبو داود : أحسن شيء في هذا الباب حديث عثمان ، [ ص: 99 ] وصححه مطلقا الترمذي والدارقطني وابن خزيمة والحاكم وغيرهم ; وذلك لما عضده من الشواهد ; كحديث أبي المليح الرقي عن الوليد بن زوران عن أنس ، أخرجه أبو داود ، وإسناده حسن ; لأن الوليد وثقه ابن حبان ، ولم يضعفه أحد .

وتابعه عليه ثابت البناني عن أنس ، أخرجه الطبراني في الكبير من رواية عمر بن إبراهيم العبدي عنه ، وعمر لا بأس به ، ورواه الذهلي في الزهريات من طريق الزبيدي عن الزهري عن أنس ، إلا أن له علة ، لكنها غير قادحة ، كما قال ابن القطان ، ورواه الترمذي والحاكم ، من طريق قتادة عن حسان بن [ ص: 100 ] بلال ، عن عمار بن ياسر ، وهو معلول .

قال شيخنا : وله شواهد أخرى دون ما ذكرنا في المرتبة ، وبمجموع ذلك حكموا على أصل الحديث بالصحة . وكل طريق منها بمفردها لا تبلغ درجة الصحيح .

ثم إن ابن الصلاح قد سلك في هذا القسم شبيه ما سلكه في الذي قبله ; حيث بين هناك أن الصحيحين أصح كتبه ، وأن الزيادة عليهما تؤخذ من كذا ، وأما هنا فبعد أن أفاد إكثار الدارقطني من التنصيص عليه في سننه .

وأن الترمذي هو المنوه به والمكثر من ذكره في جامعه ، مع وقوعه في كلام من قبله ; كشيخه البخاري ، الذي كأنه - كما قال شيخي - اقتفى فيه شيخه ابن المديني ; لوقوعه في كلامه أيضا .

التالي السابق


الخدمات العلمية