فتح المغيث بشرح ألفية الحديث للعراقي

السخاوي - شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي

صفحة جزء

( 746 ) ثم علو قدم السماع وضده النزول كالأنواع .

     ( 747 ) وحيث ذم فهو ما لم يجبر
والصحة العلو عند النظر

.

[ علو الإسناد بقدم السماع ] :

( ثم ) يليه أقسام الصفة ، وهو خامس الأقسام ، ( علو ) الإسناد بسبب ( قدم السماع ) لأحد رواته بالنسبة لراو آخر اشترك معه في السماع من شيخه ، أو لراو سمع من رفيق لشيخه ، وذلك بأن يكون سماع أحدهما من ستين مثلا ، والآخر من أربعين ، ويتساوى العدد إليهما ، فالأول أعلى ، سواء تقدمت وفاته عن الآخر أم لا .

وكذا - كما نبه عليه ابن الصلاح - يقع التداخل بينه وبين القسم الذي قبله ، بحيث جعلهما ابن طاهر ثم ابن دقيق العيد واحدا ، [ ص: 357 ] ولكنهما يفترقان في صورة يندر وقوعها كما أسلفته قريبا ، وهي ما إذا تأخرت وفاة المتقدم السماع . ولأجلها فيما يظهر غاير بينهما ابن الصلاح ، على أنه قد ينازع في ترجيح المتقدم حيث لم يكن الشيخ اختلط أو خرف لهرم أو مرض بأنه ربما كان حين تحديثه له لم يبلغ درجة الإتقان والضبط .

كما أنه يمكن أن يقال : قد يكون المتقدم السماع متيقظا ضابطا ، والمتأخر لم يصل إلى درجته ، وحينئذ فيقيد بما إذا لم يحصل ترجيح بغير القدم .

ومن صور علو الصفة أيضا - وأفرده الخليلي بقسم - تساوي السندين ، وامتياز أحدهما بكون رواته حفاظا علماء ، فهذا أعلى من الآخر . ونحوه تفسير شيخنا العلو المعنوي بإسناد جميع رجاله حفاظ ثقات أو فقهاء ، أو نحو ذلك ، مثل أن يكون سنده صحيحا كما سيأتي آخر الباب .

وكذا من أقسام العلو مما لم يلتحق بصفة ولا مسافة الحديث الذي لا بد للمحدث من إيراده في تصنيف أو احتجاج به ، ويعز عليه وجوده من طريق من حديثه عنده بواسطة واحدة إلا بأكثر منها ، فهو مع نزوله بالنسبة لما عنده عال لعزته .

أشار إليه ابن طاهر ، ثم مثل ذلك بأن البخاري مع كونه روى عن أتباع التابعين ، وعن أماثل أصحاب مالك ، روى حديثا لأبي إسحاق الفزاري عن مالك الذي يروي عن التابعين لمعنى فيه ، وهو تصريح مالك بالتحديث ، فكان بينه وبين مالك فيه ثلاثة رجال . فهذه أقسام العلو على الاستقصاء والإيضاح الشافي .

التالي السابق


الخدمات العلمية