فتح المغيث بشرح ألفية الحديث للعراقي

السخاوي - شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي

صفحة جزء
[ أقسام المشهور ] : ( كذلك المشهور أيضا ) يقع على ما يروى بأكثر من اثنين عن بعض رواته أو في جميع طباقه أو معظمها ، أو على ما اشتهر على الألسنة ، فيشمل ما له إسناد واحد فصاعدا ، بل ما لا يوجد له إسناد أصلا ; كـ : ( علماء أمتي أنبياء بني إسرائيل ) ، و : ( ولدت في زمن الملك العادل كسرى ) ، وتسليم الغزالة ; فقد اشتهر على الألسنة وفي المدائح النبوية .

ومنه قول الإمام أحمد ، كما أخرجه ابن الجوزي في آخر الجهاد من [ ص: 14 ] موضوعاته : أربعة أحاديث تدور عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الأسواق ، ليس لها أصل ، وذكر منها : ( من بشرني بخروج آذار بشرته بالجنة ) ، و : ( نحركم يوم صومكم ) . ولكن قد قيل : إن هذا لا يصح عن أحمد ; لأن الحديثين المطويين أحدهما عنده في مسنده ، وسنده جيد مع مجيئه من طرق أخرى ، وثانيهما عند صاحبه أبي داود بسند جيد أيضا ، هذا مع نظم العلامة أبي شامة الدمشقي المقدسي لهذه المقالة فقال :

أربعة عن أحمد شاعت ولا أصل لها من الحديث الواصل     خروج آذار ويوم صومكم
ثم أذى الذمي ورد السائل

وقد يشتهر بين الناس أحاديث هي موضوعة بالكلية ، وذلك كثير جدا . ومن نظر في الموضوعات لابن الجوزي عرف الكثير من ذلك . بل و ( قسموا ) ; أي : أهل الحديث ، المشهور أيضا ( لشهرة مطلقة ) بين المحدثين وغيرهم ; ( كـ ) حديث : ( المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ) ، ( الحديث و ) للمشتهر ، ( المقصور على المحدثين ) معرفته ، ( من ) نحو ( مشهور قنوته ) - صلى الله عليه وسلم - ( بعد الركوع شهرا ) ; فقد رواه عن أنس جماعة ; منهم أنس بن سيرين وعاصم وقتادة وأبو مجلز لاحق بن حميد ، ثم عن التابعين جماعة ; منهم سليمان التيمي عن أبي مجلز ، ورواه عن التيمي جماعة ، بحيث اشتهر ، لكن بين أهل الحديث خاصة .

[ ص: 15 ] وأما غيرهم فقد يستغربونه ; لكون الغالب على رواية التيمي عن أنس كونها بلا واسطة . وإلى مشهور مقصور على غير المحدثين ; كالأمثلة التي قدمتها ، ولكن لا اعتبار إلا بما هو مشهور عند علماء الحديث .

وقد أفردت في الحديث المشهور بالنظر لما تقرر من أقسامه كتابا . وكذا ينقسم أيضا باعتبار آخر ، فيكون منه ما لم يرتق إلى التواتر ، وهو الأغلب فيه .

التالي السابق


الخدمات العلمية