فتح المغيث بشرح ألفية الحديث للعراقي

السخاوي - شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي

صفحة جزء
( المسلسل )

764 - مسلسل الحديث ما تواردا فيه الرواة واحدا فواحدا [ ص: 39 ]      765 - حالا لهم أو وصفا او وصف سند
كقول كلهم سمعت فاتحد      766 - وقسمه إلى ثمان مثل
وقلما يسلم ضعفا يحصل      767 - ومنه ذو نقص بقطع السلسله
كأولية وبعض وصله

[ معنى المسلسل لغة واصطلاحا وأمثلته ] ( المسلسل ) وهو لغة : اتصال الشيء بعضه ببعض ، ومنه سلسلة الحديد . و ( مسلسل الحديث ) ، وهو من صفات الإسناد ، ( ما تواردا فيه الرواة ) له كلهم ( واحدا فواحدا حالا ) ; أي : على حال ( لهم ) ، وذلك إما أن يكون قوليا لهم ; كحديث أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لمعاذ رضي الله عنه : ( إني أحبك ، فقل في دبر كل صلاة : اللهم أعني على ذكرك وشكرك ) الحديث . فقد تسلسل لنا بقول كل من رواته : ( أنا أحبك فقل ) . ونحوه المسلسل بقول : ( رحم الله فلانا ، كيف لو أدرك زماننا ؟ ! ) . وبقول : ( قم فصب علي حتى أريك وضوء فلان ) .

وإما أن يكون الحال فعليا ; كقول أبي هريرة : شبك بيدي أبو القاسم - صلى الله عليه وسلم - وقال : ( خلق الله الأرض يوم السبت ) الحديث . فقد تسلسل لنا بتشبيك كل من رواته بيد من رواه عنه .

ونحوه المسلسل بوضع اليد على الرأس ، وبالأخذ بيد الطالب ، وبالعد في يده للخمسة ; التي منها الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، والترحم ، والدعاء ، وبالمصافحة ، وبرفع اليدين في الصلاة ، وبالاتكاء وبالإطعام والسقي وبالضيافة بالأسودين ; التمر والماء . وقد يجيئان معا ، أعني القولي والفعلي ، في حديث واحد ; كحديث أنس مرفوعا : [ ص: 40 ] ( لا يجد العبد حلاوة الإيمان حتى يؤمن بالقدر خيره وشره حلوه ومره ) . قال : وقبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على لحيته وقال : ( آمنت بالقدر ) . فقد تسلسل لنا بقبض كل واحد من رواته على لحيته مع قوله : آمنت . . . . . إلى آخره .

( أو وصفا ) ; أي : أو كان التوارد من الرواة على وصف لهم ، وهو أيضا فعلي ; كالمسلسل بالقراء وبالحفاظ وبالفقهاء وبالنحاة وبالصوفية وبالدمشقيين وبالمصريين ونحو ذلك ; كالمسلسل بالمحمدين ، أو بمن أول اسمه عين ، أو بمن في اسمه أو اسم أبيه أو نسبه أو غيرهما مما يضاف إليه نون ، أو برواية الأبناء عن الآباء ، أو بالمعمرين ، أو بعدد مخصوص من الصحابة يروي بعضهم عن بعض ، أو من التابعين كذلك . وقولي ; كالمسلسل بقراءة سورة الصف ونحوه ، لكنه في الوصفي غالبا مقارب ، بل مماثل له في الحالي .

( او وصف سند ) ; أي : أو كان التوارد من الرواة على وصف سند بما يرجع إلى التحمل ; وذلك إما في صيغ الأداء ، ( كقول كلهم ) ; أي : الرواة ، ( سمعت ) فلانا ، أو ثنا ، أو أنا ، أو شهدت على فلان . ( فاتحد ) ما وقع منها لجميع الرواة ، فصار بذلك مسلسلا . بل جعل الحاكم منه أن تكون ألفاظ الأداء من جميع الرواة دالة على الاتصال وإن اختلفت ، فقال بعضهم : سمعت ، وقال بعضهم : أنا ، وقال بعضهم : ثنا . ولكن الأكثرون على اختصاصه بالتوارد في صيغة واحدة . ونحوه الحلف ; كقوله : ( أنا والله فلان ) ، كما نص عليه ابن الصلاح ، أو ما يلتحق به ; كقوله : ( صمت أذناي إن لم أكن سمعته من فلان ) .

وإما فيما يتعلق بزمن الرواية أو بمكانه أو بتاريخها ، فالأول : كالمسلسل بالتحمل يوم العيد ، أو بقص الأظفار في يوم الخميس .

والثاني : كالمسلسل بإجابة الدعاء في الملتزم . والثالث : ككون [ ص: 41 ] الراوي آخر من يروي عن شيخه ، إلى غير ذلك من أنواع للتسلسل كثيرة لا تنحصر كما قال ابن الصلاح .

التالي السابق


الخدمات العلمية