فتح المغيث بشرح ألفية الحديث للعراقي

السخاوي - شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي

صفحة جزء
[ أمثلة التصحيف في المتن ] ثم إنه يقع تارة إما ( في المتن كـ ) ـما اتفق لأبي بكر ( الصولي ) ; حيث أملى في ( الجامع ) حديث أبي أيوب مرفوعا : ( من صام رمضان وأتبعه ستا ) بسين مهملة ومثناة فوقانية مشددة ( غير ) ذلك ( شيئا ) بالمعجمة والمثناة التحتانية . ولوكيع في حديث : ( لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذين يشققون الخطب [ ص: 59 ] تشقيق الشعر ) ; حيث غيره بالحطب بالمهملة ، والشعر بفتحتين .

ويحكى أن ابن شاهين صحفه كذلك أيضا بجامع المنصور ، فقال بعض الملاحين : يا قوم ، كيف نعمل والحاجة ماسة ؟ يشير إلى أن ذلك من حرفته ، وليست هذه اللفظة في النهاية لابن الأثير . والحديث في مسند أحمد و ( المعجم الكبير ) للطبراني و ( الجامع ) للخطيب وغيرهم من حديث جابر الجعفي عن عمرو بن يحيى القرشي ، عن معاوية بن أبي سفيان به . ولمشكدانة حيث جعل حديث النهي عن قصع الرطبة بالطاء بدل الصاد ، فجاء إليه أرباب الضياع والناس يضجون ، ففتش حتى وقف على صحته . ولأبي موسى محمد بن المثنى العنزي الذي اتفق الستة على الرواية عنه ، ويلقب الزمن ; حيث جعل ( أو شاة تنعر ) بالنون بدل الياء . ولأبي بكر الإسماعيلي ، حيث جعل قر الدجاجة بالزاء المنقوطة المضمومة بدل الدال المهملة المفتوحة .

ولغندر حيث جعل أبيا في حديث جابر : ( رمي أبي يوم الأحزاب على أكحله ) أبي بالإضافة . وأبو جابر كان استشهد قبل ذلك في أحد . ولشعبة حيث جعل ذرة بالمعجمة المفتوحة والراء المشددة درة بضم المهملة [ ص: 60 ] والتخفيف .

ولمحمد بن يزيد بن عبد الله النيسابوري السلمي الملقب محمشا حيث جعل : ( يا أبا عمير ، ما فعل النغير ؟ ) المصغرين بالتكبير ، فقال : يا أبا عمير ، ما فعل البعير ؟ بالموحدة والعين المهملة ، فصحف فيهما معا . حتى إنا روينا في علوم الحديث للحاكم عن أبي حاتم الرازي أنه قال : حفظ الله أخانا صالح بن محمد الحافظ الملقب جزرة ; فإنه لا يزال يبسطنا غائبا وحاضرا ، كتب إلي أنه لما مات الذهلي - يعني بنيسابور - أجلسوا شيخا لهم يقال له : محمش . فأملى عليهم ، وذكر ما تقدم ، وأنه أملى أيضا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( لا تصحب الملائكة رفقة فيها جرس ) ، فقالها بالخاء المعجمة المضمومة وبسكون الراء . على أن جزرة إنما لقب بها ; لكونه صحف حديث أن عبد الله بن بسر كان يرقي ولده بخرزة ; بمعجمتين بينهما راء مفتوحة ، بجزرة ، بجيم ثم بمعجمة بعدها مهملة كما سيأتي في الألقاب .

واتفق لبعض مدرسي النظامية ببغداد أنه أول يوم إجلاسه أورد حديث : ( صلاة في أثر صلاة كتاب في عليين ) ، فقال : كنار في غلس . فلم يفهم الحاضرون ما يقول ، حتى أخبرهم بعضهم بأنه تصحف على المدرس .

ولابن أبي عاصم ; حيث قال في كتاب الأطعمة له : باب تحريم السباع ، وساق حديث دراج عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد رفعه : ( السباع حرام ) فصحفه ، وإنما هو الشياع بالمعجمة والياء [ ص: 61 ] المثناة تحت ، وهو الصوت عند الجماع .

ولعبد القدوس ; حيث جعل نهيه - صلى الله عليه وسلم - أن يتخذ شيئا فيه الروح غرضا ، بفتح الراء من الروح وفتح العين المهملة وإسكان الراء من غرضا . فقيل له : أي شيء هذا ؟ قال : يعني كوة في حائط ليدخل عليه الروح .

ولرجل سأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه : أيضحى بالصبي ؟ فقال له : ( وما عليك لو قلت : بالظبي ؟ قال : إنها لغة . فقال له عمر ، فانقطع العتاب ) .

ولغلام حيث سأل حماد بن زيد فقال : يا أبا إسماعيل ، حدثك عمرو عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الخبز . فتبسم حماد وقال : يا بني ، إذا نهى عن الخبز فمن أي شيء يعيش الناس ؟ ! وإنما هو الخبر .

ولبعض المغفلين كما حكاه غير واحد من الحفاظ ; حيث صحف قولهم في بعض الأحاديث الإلهية عن جبريل عن الله عز وجل ، فجعل عن رجل .

التالي السابق


الخدمات العلمية