فتح المغيث بشرح ألفية الحديث للعراقي

السخاوي - شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي

صفحة جزء
[ ذكر العبادلة والآخذون عنهم ] والخامسة : في بيان من يطلق عليه العبادلة منهم دون سائر من اسمه عبد الله . ( وهو ) ; أي : البحر ابن عباس ، ( وابن عمرا ) عبد الله ، ( وابن الزبير ) عبد الله ، ( وابن عمرو ) بن العاص ; عبد الله ، ( قد جرى عليهم بالشهرة ) المستفيضة ( العبادله ) فيما قاله الإمام أحمد . وقال : ( ليس ) من جرى عليه ذلك ( ابن مسعود ) عبد الله ، وإن جعله الثعلبي في تفسير : ( تغرب في عين حمئة ) من تفسيره خامسا لهم . وكذا هو في ( شرح الكافية ) لابن الحاجب ; لأنه كما قال البيهقي تقدم موته ، والآخرون عاشوا حتى احتيج إلى علمهم ، فكانوا إذا اجتمعوا على شيء قيل : هذا قول العبادلة .

قال ابن الصلاح : ( ولا من شاكله ) أيضا ; أي : ابن مسعود في التسمية بعبد الله ، وهم نحو مائتين وعشرين نفسا ، أو نحو ثلاثمائة فيما قاله المصنف ، بل يزيدون على ذلك بكثير . ولو ترتب على الحصر فائدة لحققته .

[ ص: 106 ] ووقع كما رأيته في عبد من ( الصحاح ) للجوهري ذكر ابن مسعود بدل ابن الزبير ، وذكر في الألف اللينة في هاء منه أيضا ابن الزبير مع ابن عمر وابن عباس مقتصرا عليهم . وكذا عدهم الرافعي في الديات من ( الشرح الكبير ) ، والزمخشري في ( المفصل ) ، والعلاء عبد العزيز البخاري شارح البزدوي من الحنفية أيضا ثلاثة ، لكن عينوهم بابن مسعود وابن عمر وابن عباس . زاد الأخير منهم أن ذلك في التحقيق ، قال : وعند المحدثين : ابن الزبير بدل ابن مسعود . وممن عد ابن مسعود أيضا أبو الحسين بن أبي الربيع القرشي ، حكاه القاسم التجيبي في فوائد رحلته . ومن المتأخرين ابن هشام في ( التوضيح ) وفي الحج من الهداية للحنفية : ( قال العبادلة وابن الزبير : أشهر الحج ; شوال . . . ) . فعطف ابن الزبير عليهم . والأول هو المعتمد المشهور بين المحدثين وغيرهم .

السادسة : ولو قدمت مع التي تليها على التي قبلها لكان أنسب في المتبوعين منهم . ( وهو ) ; أي : ابن مسعود ، ( وزيد ) هو ابن ثابت ، ( وابن عباس لهم ) رضي الله عنهم ( في الفقه أتباع ) وأصحاب ( يرون ) في عملهم وفتياهم ( قولهم ) كما صرح به ابن المديني حاصرا لذلك فيهم ، وعبارته : انتهى علم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الأحكام إلى ثلاثة ممن أخذ عنهم العلم ، وذكرهم . فهم كالمقلدين ، وأتباعهم كالمقلدين لهم .

[ ص: 107 ] ( و ) السابعة : ( قال مسروق ) ابن الأجدع الهمداني الكوفي أحد أجلاء التابعين : ( انتهى العلم ) الذي كان عند أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( إلى ستة ) أنفس ( أصحاب ) أيضا للنبي - صلى الله عليه وسلم - ( كبار نبلا زيد ) هو ابن ثابت ، و ( أبي الدرداء ) عويمر ، ( مع أبي ) بن كعب ، و ( عمر ) بن الخطاب ، و ( عبد الله ) بن مسعود ( مع علي ) بن أبي طالب رضي الله عنهم . ( ثم انتهى ) ; أي : وصل ما عند هؤلاء الستة من علم ( لذين ) ; أي : للأخيرين منهم ، وهما علي وابن مسعود . هكذا رواه بعضهم عن مسروق . ولكن ( البعض ) ممن رواه عنه أيضا ، هو الشعبي ، ( جعل ) أبا موسى ( الأشعري عن أبي الدردا ) بالقصر ( بدل ) بالوقف على لغة ربيعة . بل وجاء كذلك عن الشعبي نفسه ، لكن بلفظ : كان العلم يؤخذ عن ستة من الصحابة ، وذكرهم ، ثم قال : وكان عمر وابن مسعود وزيد يشبه علم بعضهم بعضا ، وكان يقتبس بعضهم من بعض ، وكان علي والأشعري وأبي يشبه علم بعضهم بعضا ، وكان يقتبس بعضهم من بعض .

ولا يخدش فيما تقدم كون كل من زيد وأبي موسى تأخرت وفاته عن ابن مسعود وعلي ; لأنه لا مانع من انتهاء علم شخص إلى آخر مع بقاء الأول . وأيضا فقد قال شيخنا فيما نقل عنه : إن عليا وابن مسعود كانا مع مسروق بالكوفة ، فانتهاء العلم إليهما بمعنى أن عمدة أهل الكوفة في معرفة علم الأربعة المذكورين عليهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية