فتح المغيث بشرح ألفية الحديث للعراقي

السخاوي - شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي

صفحة جزء
وينقسم إلى ثمانية أقسام :

الأول : أن تتفق أسماؤهم وأسماء آبائهم خاصة نحو خالد بن الوليد اثنان في الصحابة ; أشهرهما القرشي المخزومي الملقب سيف الله ، والآخر أنصاري شهد صفين مع علي وأبلى فيها بلاء شديدا ، وكذا فيمن اسمه خالد بن الوليد من أدرك الجاهلية وذكر لذلك في الصحابة ، ولكن الصحيح أنه تابعي وآخر متأخر عنهم ، ولكن الوليد جده إلا أنه وقع في بعض الروايات منسوبا إليه ، وليست هذه الترجمة بكمالها عند الخطيب .

ومالك بن أنس اثنان : إمام المذهب ، وآخر كوفي مقل قريب الطبقة منه ، لا يؤمن التباسه به على من لا خبرة له بالرجال ، ومن العجيب أن الإمام سمع منه شيخه الزهري حديث الفريعة ، ورواه عنه قائلا : حدثني فتى يقال له : مالك بن أنس . فقال بعض المتأخرين : إنه من رأى مالك بن أنس ، وهو غير متبحر في هذا الشأن ، جزم بأنه الإمام ، وليس كذلك .

و ( نحو ابن أحمد الخليل سته ) حسبما ذكرهم ابن الصلاح ، اقتصر منهم الخطيب على الأولين ، فالأول اسم جده عمرو بن تميم أبو عبد الرحمن الأزدي [ ص: 268 ] الفراهيدي البصري النحوي صاحب العروض وأول من استخرجه ، وكتاب العين في اللغة وشيخ سيبويه ، كان مولده في سنة مائة ، يروي عن عاصم الأحول وآخرين ، ذكره ابن حبان في الثقات ، ومات سنة ستين أو بضع وستين أو سبعين أو خمس وسبعين ومائة ، وكان أبوه أول من تسمى في الإسلام أحمد فيما قاله أبو بكر بن أبي خيثمة والمبرد ، وعزاه شيخنا كما سيأتي قريبا ; لاتفاق المحدثين ، وتعقبه بأحمد بن حفص بن المغيرة المخزومي زوج فاطمة ابنة قيس ، والمكنى بأبي عمرو ، فقد سماه كذلك النسائي عن إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني أنه سأل أبا هشام المخزومي وكان علامة بأنسابهم عنه ، وتبعه الذهبي ، إلا أنه بكنيته أشهر ، بحيث ذكره البخاري فيمن لا يعرف اسمه ، وبأحمد بن جرير بن شهاب الأوسي ، سمع منه الحسن البصري حديثا في السجود . وبأحمد أبي محمد الذي كان يزعم أن الوتر واجب فيما حكاه ابن حبان ، ولكن المشهور أنه مسعود بن زيد بن سبيع ، لا أحمد ، وبأحمد بن جعفر بن أبي طالب الهاشمي ، ذكره الواقدي فيمن ولدته أسماء لجعفر بن أبي طالب الهاشمي ، كما حكاه أبو القاسم بن منده ، واستدركه ابن فتحون ، وقال الذهبي : إن الواقدي تفرد به ، وفيه أن أسماء ولدته بالحبشة ، وبأحمد والد أبي السفر سعيد فيما سماه ابن معين ، [ ص: 269 ] لكن الأكثر فيه يحمد بالمثناة التحتانية بدل الهمزة .

والثاني : بصري اسم جده بشر بن المستنير أبو بشر المزني ويقال : السلمي . روى عنه محمد بن يحيى بن أبي سمينة ، وعبد الله بن محمد المسندي ، والعباس بن عبد العظيم العنبري ، ذكره ابن حبان أيضا في الثقات ، وممن فرق بينهما غيره النسائي في الكنى وابن أبي حاتم والخطيب ، وهو الظاهر ، كما قاله المؤلف ، وقال شيخنا : إنه الصواب . قال - وقول الخطيب - : إن المسندي ما أدرك الأول . وهو ظاهر بالنسبة إلى ما أرخ به وفاة الأول ; لأن مقتضاه أن يكون أقدم شيخ للمسندي ، وهو فضيل بن عياض ، مات بعد الخليل بمدة طويلة تزيد على عشرة سنين ، لكن البخاري أعلم بشيخه المسندي من غيره ، وقد أثبته في الرواة عن الأول ، هذا مع أن شيخنا جنح إلى الافتراق ; لكون اشتراكه في الرواية عنهما لا يمنعه ، ويتأيد بافتراقهما في اسم الجد .

والثالث : بصري أيضا يروي عن عكرمة ، ذكره أبو الفضل الهروي الحافظ في كتابه ( مشتبه أسماء المحدثين ) فيما حكاه ابن الجوزي في تلقيحه عن خط شيخه عبد الوهاب الأنماطي عنه ، قال المصنف : وأخشى أن يكون الأول ; فإنه روى عن غير واحد من التابعين . بل قال شيخنا : أخلق به أن يكون غلطا ; فإن أقدم من يقال له : الخليل بن أحمد . الأول ، ولم يذكر أحد في ترجمته أنه لقي عكرمة ، بل ذكروا أنه لقي أصحاب عكرمة ; كأيوب السختياني ، فلعل الراوي عنه أسقط الواسطة بينه وبين عكرمة ، فظنه أبو الفضل آخر غير الأول ، وليس كما ظن ; لأن أصحاب الحديث اتفقوا على أنه لم يوجد أحد تسم أحمد من بعد قرن النبي صلى الله عليه وسلم إلا والد [ ص: 270 ] الأول ، يعني كما تقدم مع ما فيه .

والرابع : اسم جده محمد بن الخليل أبو سعيد السجزي الفقيه الحنفي قاضي سمرقند حدث عن ابن خزيمة وابن صاعد والبغوي وغيرهم ، سمع منه الحاكم ، وذكره في ( تاريخ نيسابور ) ، مات بسمرقند سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة .

والخامس : اسم جده أيضا محمد بن أحمد ، ويكنى أيضا أبا سعيد ، البستي المهلبي الشافعي القاضي ، ذكر ابن الصلاح أنه سمع من الذي قبله ومن أحمد بن المظفر البكري وغيرهما ، حدث عنه البيهقي .

والسادس : اسم جده عبد الله بن أحمد ، ويكنى أيضا أبا سعيد ، وهو أيضا بستي فقيه شافعي ، فاشترك مع الذي قبله في أشياء ; ولذا جوز المصنف أن يكون هو إياه ، ولكن ابن الصلاح قد فرق بينهما ، وقد ذكره الحميدي في تاريخ الأندلس المسمى بالجذوة ، وابن بشكوال في الصلة ، وقال : إنه قدم الأندلس من العراق في سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة ، وروى عن أبي محمد بن النحاس بمصر وأبي سعيد الماليني وأبي حامد الإسفرائيني وغيرهم ، وحكى عن أبي محمد بن خزرج أن مولده سنة ستين وثلاثمائة ، وروى عنه أبو العباس أحمد بن عمر العذري ، وكان أديبا نبيلا ثبتا صدوقا متصرفا في علوم .

هكذا اقتصر ابن الصلاح على ستة ، ولكن الراوي عن عكرمة السابق ، التردد فيه لم يقع عنده ، وإنما عنده بدله آخر ، أصبهاني روى عن روح بن عبادة ، وهو وهم [ ص: 271 ] تبع فيه ابن الجوزي ، وهو تبع أبا الفضل الهروي ، والصواب في اسم أبيه محمد ، لا أحمد ، فكذلك هو في تاريخي أصبهان لأبي الشيخ وأبي نعيم ، وهو أبو العباس العجلي ، وروى ابن حبان في النوع التاسع والمائة من القسم الثاني من صحيحه عن الخليل بن أحمد بواسط عن جابر بن الكردي حديثا ، قال المصنف : والظاهر أنه ابن محمد أيضا ، فإنه سمع منه بواسط أحاديث أوردها مفرقة في كتابه على الصواب ، فلا يغتر بما وقع له في هذا الموضع .

وزاد المصنف سابعا ، هو بغدادي روى عن سيار بن حاتم ، ذكره ابن النجار في الذيل . وثامنا : وهو أبو القاسم المصري الشاعر روى عنه أبو القاسم ابن الطحان الحافظ ، وذكره في ذيله لتاريخ مصر ، وقال : مات سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة .

وتاسعا : اسم جده علي ويكنى أبا طاهر الجوسقي الصرصري الخطيب بها ، سمع من أبيه وابن البطي وشهدة وغيرهم ، روى عنه ابن النجار وابن الدبيثي ، وذكراه في ذيلهما ، ومات في سنة أربع وثلاثين وستمائة .

ووجدت من نمط من ذكرهم المؤلف جماعة منهم واحد اسم جده روزبة حنفي تفقه بأبي عبد الله الدامغاني ، وسمع بأصبهان من أبي القاسم المظفر بن أحمد الخوارزمي ، روى عنه السلفي ، وآخر شيباني أنشد الباخرزي في دمية القصر لولده الموفق قصيدة مدح بها نظام الملك ، ويحرر كونه غير المتقدمين ، وآخر سكوني لبلي مغربي مات سنة خمسين وخمسمائة ، وآخر اسم جده خليل [ ص: 272 ] بن بادر بن عمر ويكنى أبا الصفا من شيوخ الدمياطي ، مات سنة خمس وخمسين وستمائة ، في آخرين ممن عاصرناهم ; كابن الغرز الشاعر المسمى جده خليلا أيضا ، وابن جمعة الحسيني العدل ، وابن عيسى القيمري وقد كتب الكمال بن البارزي على ديوان صاحب حصن كيفا العادل خليل بن الأشرف أحمد بن العادل سليمان الأيوبي :

أبحر الشعر إن غدت منك في قبضة اليد غير بدع فإنها للخليل بن أحمد . وبالجملة فتتبع المتباعدين في الطبقة ليس فيه كبير طائل ، وقد قال شيخنا في ( مختصر التهذيب ) : وأما من يقال له : الخليل بن أحمد غير العروضي والمزني ومن قرب من عصرهما ، لو صح فجماعة تزيد عدتهم على العشرة ، قد ذكرتهم فيما كتبته على ( علوم الحديث ) لابن الصلاح ، سبقني في النكت إلى نحو النصف . انتهى . وما وقفت من النكت المشار إليها إلا إلى المقلوب خاصة .

ومن أمثلته أيوب بن سليمان ستة عشر ، وإبراهيم بن يزيد ثلاثة عشر ، وإبراهيم بن موسى اثنا عشر ، وعلي بن أبي طالب تسعة ، وإبراهيم بن مسلم ثمانية ، [ ص: 273 ] وعمر بن خطاب سبعة ، وأنس بن مالك ستة ، وأبان بن عثمان خمسة ، ويحيى بن يحيى أربعة ، وإبراهيم بن بشار ثلاثة ، وعثمان بن عفان اثنان .

التالي السابق


الخدمات العلمية