فتح المغيث بشرح ألفية الحديث للعراقي

السخاوي - شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي

صفحة جزء
[ ص: 288 ] المشتبه المقلوب .


940 - ولهم المشتبه المقلوب صنف فيه الحافظ الخطيب      941 - كابن يزيد الأسود الرباني
وكابن الأسود يزيد اثنان

( ولهم ) أي : المحدثين ما يحصل الاتفاق فيه لراويين في اسمين لفظا وخطا ، لكن يحصل الاختلاف أو الاشتباه بالتقديم والتأخير بأن يكون أحد الاسمين في أحدهما للراوي وفي الآخر لأبيه ، وهو ( المشتبه المقلوب ) وأفرد عن المركب النوع قبله ، وإن كان أيضا مركبا من متفق ومختلف ; لأن ما فيه من الاختلاف ليس من نوع المؤتلف ، وقد ( صنف فيه الحافظ الخطيب ) ( رافع الارتياب في المقلوب من الأسماء والأنساب ) ، وهو في مجلد ضخم ، وفائدة ضبطه الأمن من توهم القلب خصوصا ، وقد انقلب على بعض المحدثين ، بل نسب شيء من ذلك لإمام الصنعة البخاري ، وأمثلته كثيرة ; كمسلم بن الوليد المدني والوليد بن مسلم الدمشقي الشهير الذي نبه ابن أبي حاتم في كتاب أفرده لخطأ البخاري في تاريخه حكاية عن أبيه على أن البخاري جعل أولهما الثاني ، ولكن هذه الترجمة لا توجد في بعض نسخ التاريخ ; وكعبد الله بن يزيد ، ويزيد بن عبد الله .

و ( كابن يزيد الأسود ) أي : كالأسود بن يزيد النخعي الزاهد الفقيه المفتي ، ( الرباني ) أي : العالم الراسخ في العلم والدين أو الطالب بعلمه وجه الله ، أو المربي المتعلمين بصغار العلوم قبل كبارها ، وكان جديرا بالاتصاف بذلك ; فإنه كان مع كونه من كبار التابعين وعلمائهم ، بل ذكره جماعة ممن صنف في الصحابة لإدراكه في الجملة ، وخال إبراهيم النخعي يصلي كل يوم سبعمائة ركعة [ ص: 289 ] ويصوم الدهر حتى ذهبت إحدى عينيه من الصوم ، وسافر ثمانين حجة وعمرة من الكوفة ، لم يجمع بينهما ، ( وكابن الأسود يزيد ) أي : يزيد بن الأسود ( اثنان ) : أحدهما الخزاعي الحجازي المكي ، وقيل : المدني الصحابي المخرج حديثه في السنن ، والآخر الجرشي تابعي مخضرم ، يكنى أبا الأسود ، سكن الشام وأقعده معاوية وهو يستسقي على المنبر عند رجليه ، وأمره أن يرفع يديه ففعل ، وفعل الناس مثله ، وقال معاوية : اللهم إنا نستشفع إليك بيزيد بن الأسود الجرشي . فسقوا للوقت حتى كادوا لا يبلغون منازلهم ، وقد يقع التقديم والتأخير مع ذلك في بعض حروف الاسم المشتبه ; كأيوب بن سيار ويسار بن أيوب .

التالي السابق


الخدمات العلمية