فتح المغيث بشرح ألفية الحديث للعراقي

السخاوي - شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي

صفحة جزء
( وطلحة ) بالتنوين للضرورة ، هو ابن عبيد الله : ( مع الزبير ) ابن العوام ، وكلاهما من العشرة ( جمعا ) قتلا في وقعة الجمل : ( سنة ست وثلاثين ) من الهجرة ، بل قيل : في شهر واحد ويوم واحد ( معا ) واختلف في شهر وقعة الجمل التي كانت بناحية الطف ، فقيل : كانت لعشر خلون من جمادى الآخرة ، وبه جزم خليفة بن خياط والواقدي وابن سعد وابن زبر وابن الجوزي وآخرون ، وهو المشهور المعروف ، ثم اختلفوا فقال خليفة : يوم الجمعة . وقال ابن سعد واللذان بعده والجمهور : يوم الخميس . وقيل كما لليث بن سعد : إنها كانت في جمادى الأول . واقتصر عليه ابن الصلاح حيث أرخ وفاتهما به ، وعينه ابن حبان بعشر ليال خلون منه ، وحكى القولين ابن عبد البر ، لكن في موضعين ; فإنه اقتصر في ترجمة طلحة على الأول وفي الزبير على الثاني ، وتبعه في ذلك المزي ، وكذا قيل في قتل طلحة كما لسليمان بن حرب : إنه في ربيع أو نحوه ، وكما لأبي نعيم : إنه في رجب ، بل قاله في الزبير أيضا البخاري ، وكذا ابن حبان ، لكن قال : إنه آخر يوم من صبيحة الجمل . وهذا يقضي أنه في حادي عشر جمادى الآخر ، وقاتل طلحة هو مروان بن الحكم بن أبي العاص ، قال ابن عبد البر بلا خلاف [ ص: 326 ] أخذا بثأره منه ، لكونه فيما قيل : أعان على قتل ابن عمه عثمان بن عفان بن أبي العاص ، فبادر حين نظر إليه في اليوم المذكور وقال : لا أطلب ثأري بعد اليوم ، ثم نزع له بسهم فوقع في عين ركبته ، فما زال الدم يسيح إلى أن مات ، هذا مع أن كلا من مروان وطلحة كانا مع عائشة ، فهما في حزب واحد ، وعد قتل طلحة من موبقات مروان ، وقاتل الزبير عمرو بن جرموز غدرا ، وقيل : إن ذلك بمعاونة من فضالة بن حابس ونفيع ، بمكان يقال له : وادي السباع بعد انصرافه من الجمل ; فإنه - كما رواه أبو يعلى - توافى في اليوم المذكور هو وعلي ، فقال له علي : ( أنشدك الله أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إنك تقاتل عليا وأنت ظالم له ) ؟ فقال الزبير : نعم ، ولكن لم أذكر ذلك إلى الآن وانصرف ) ، زاد بعضهم فبلغ الأحنف فقال : حمل مع المسلمين حتى إذا ضرب بعضهم حواجب بعض بالسيف أراد أن يلحق ببيته ، فسمعها عمرو فانطلق فأتاه من خلفه وأعانه من ذكرنا ، فقتلوه ، وأتى عمرو بعد ذلك مصعب بن الزبير فوضع يده في يده فقذفه في السجن ، فكتب إليه أخوه عبد الله بن الزبير : أظننت أني قاتل أعرابيا من بني تميم بالزبير ، خل سبيله . وكان مبلغ سنهما فيما قاله ابن حبان والحاكم أربعا وستين سنة ، وهو قول الواقدي ، ثم ابن سعد في طلحة خاصة ، وفيه أقوال أخر ، فبالنسبة لطلحة قيل : ستون . قاله المدايني ، وصدر به ابن عبد البر كلامه ، وقيل : اثنتان وستون . قاله عيسى بن طلحة ، وقيل : ثلاث وستون . قاله أبو نعيم ، وقيل : خمس وسبعون . حكاه ابن عبد البر ، وقال : ما أظن ذلك . ودفن بالبصرة ، وبالنسبة للزبير قيل : بضع وخمسون . وقيل : ست وستون . وقيل : سبع وستون . قالهما الزبير بن بكار ، وبالثاني منهما صدر ابن عبد البر كلامه ، وقيل : خمس وسبعون .

التالي السابق


الخدمات العلمية