فتح المغيث بشرح ألفية الحديث للعراقي

السخاوي - شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي

صفحة جزء
[ الفرع الرابع ] ( و ) الفرع الرابع ، وأخر لصدور ألفاظه ممن دون الصحابي ( قولهم ) أي : التابعي فمن دونه بعد ذكر الصحابي ( يرفعه ) أو رفعه أو مرفوعا ; كحديث سعيد بن جبير عن ابن عباس : الشفاء في ثلاث : شربة عسل ، وشرطة محجم ، وكية نار ، وأنهى أمتي عن الكي رفع الحديث .

وكذا قولهم : ( يبلغ به ) أو ( رواية ) أو ( يرويه ) ; كحديث أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة يبلغ به : الناس تبع لقريش وبه عن أبي هريرة رواية تقاتلون قوما صغار الأعين ، وكحديث سفيان عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن [ ص: 158 ] أبي هريرة رواية الفطرة خمس أو ( ينميه ) بفتح أوله وسكون النون ، وكسر الميم ; كحديث مالك عن أبي حازم عن سهل بن سعد ، قال : كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة . قال أبو حازم : لا أعلم إلا أنه ينمي ذلك .

وكذا قولهم : يسنده ، أو يأثره ، مما الحامل عليه وعلى العدول عن التصريح بالإضافة ، إما الشك في الصيغة التي سمع بها أهي " قال رسول الله " ، أو " نبي الله " أو نحو ذلك ; كسمعت أو حدثني ، وهو ممن لا يرى الإبدال ، كما أفاد حاصله المنذري ، أو طلبا للتخفيف وإيثارا للاختصار ، أو للشك في ثبوته ، كما قالهما شيخنا ، أو ورعا ; حيث علم أن المروي بالمعنى ( رفع ) أي : مرفوع بلا خلاف ، كما صرح به النووي ، واقتضاه قول ابن الصلاح ; وكل هذا وأمثاله كناية عن رفع الصحابي الحديث إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وحكم ذلك عند أهل العلم حكم المرفوع صريحا . انتهى .

ويدل لذلك مجيء بعض المكنى به بالتصريح ; ففي بعض الروايات لحديث : الفطرة خمس يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم " ، وفي بعضها : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ، وفي بعضها لحديث سهل : " ينمي ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم " ، وفي بعضها : " قال مالك : ينمي أي : يرفع الحديث " .

والاصطلاح في هذه اللفظة موافق للغة ، قال أهلها : نميت الحديث إلى غيري نميا ، إذا أسندته ورفعته ، وكذا في قوله : وأنهى أمتي عن الكي دليل لذلك ، ( فانتبه ) لهذه الألفاظ وما أشبهها مما الاصطلاح عن الكناية بها عن الرفع .

تتمة : وقع في بعض الأحاديث قول الصحابي : " عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يرفعه " ، وهو في حكم قوله : " عن الله عز وجل " وأمثلته كثيرة ، منها : حديث حسن [ عند البزار [ ص: 159 ] عن أبي هريرة قال : قال رسول الله يرفعه ] : إن المؤمن عندي بمنزلة كل خير ، يحمدني وأنا أنزع نفسه من بين جنبيه ، وهذا من الأحاديث الإلهية ، وقد جمع منها ابن المفضل الحافظ طائفة ، وأفردها غيره .

التالي السابق


الخدمات العلمية