فتح المغيث بشرح ألفية الحديث للعراقي

السخاوي - شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي

صفحة جزء
المدرج .


213 - المدرج : الملحق آخر الخبر من قول راو ما بلا فصل ظهر      214 - نحو " إذا قلت التشهد " وصل
ذاك زهير وابن ثوبان فصل [ ص: 297 ]      215 - قلت : ومنه مدرج قبل قلب
كـ " أسبغوا الوضوء ويل للعقب "      216 - ومنه جمع ما أتى كل طرف منه
بإسناد بواحد سلف      217 - كوائل في صفة الصلاة قد
أدرج ثم جئتهم وما اتحد      218 - ومنه أن يدرج بعض المسند
في غيره مع اختلاف السند      219 - نحو " ولا تنافسوا " في متن
" لا تباغضوا " فمدرج قد نقلا      220 - من متن " لا تجسسوا " أدرجه
ابن أبي مريم إذ أخرجه      221 - ومنه متن عن جماعة ورد
وبعضهم خالف بعضا في السند      222 - فيجمع الكل بإسناد ذكر
كمتن ( أي الذنب أعظم ) الخبر      223 - فإن عمرا عند واصل فقط
بين شقيق وابن مسعود سقط      224 - وزاد الأعمش كذا منصور
وعمد الإدراج لها محظور

.

[ مدرج المتن وأمثلته ] لما انتهى مما هو قسيم المعل من حيثية الترجيح والتساوي كما قدمت ، وكان مما يعل به إدخال متن ونحوه في متن ، ناسب الإرداف بذلك ( المدرج ) ويقع في السند والمتن ، ولكل منها أقسام اقتصر ابن الصلاح في المتن على أحدها ، هو القول ( الملحق آخر الخبر ) المرفوع ( من قول راو ما ) من رواته ، إما الصحابي أو التابعي أو من بعده ( بلا فصل ظهر ) بين هذا الملحق بعزوه لقائله ، وبين كلام النبوة ; بحيث يتوهم أن الجميع مرفوع .

ثم قد يكون تفسير الغريب في الخبر ، وهو الأكثر ; كحديث النهي عن نكاح الشغار ، [ ص: 298 ] والنهي عن المحاقلة والمزابنة ونظائرها ، أو استنباطا مما فهمه منه أحد رواته ; كثاني حديثي ابن مسعود ، الآتيين في الطريق لمعرفة الإدراج ، أو كلاما مستقلا ، وربما يكون حديثا آخر ، كأسبغوا الوضوء ، والأمر في أولها سهل ; إذ الراوي أعرف بمعنى ما روى .

وقد يكون في المرفوع كما تقدم ، أو في الموقوف على الصحابي بإلحاق التابعي فمن بعده ، أو في المقطوع بإلحاق تابعي التابعي فمن بعده .

ولكن الأهم من ذلك ما اقتصر عليه ابن الصلاح ، وله أمثلة ( نحو ) قول ابن مسعود في آخر حديث القاسم بن مخيمرة عن علقمة بن قيس عنه في تعليم النبي - صلى الله عليه وسلم - له التشهد في الصلاة ( إذا قلت ) هذا ( التشهد ) فقد قضيت صلاتك ، إن شئت أن تقوم فقم ، وإن شئت أن تقعد فاقعد ) .

فقد ( وصل ذاك ) بالمرفوع ( زهير ) هو ابن معاوية أبو خيثمة ، كما قاله جمهور أصحابه عنه ، في روايته له عن الحسن بن الحر عن القاسم بسنده المذكور ، ( وابن ثوبان ) هو عبد الرحمن بن ثابت أحد من رواه عن ابن الحر ( فصل ) الموقوف عن المرفوع بقوله : قال ابن مسعود ، بل [ ص: 299 ] رواه شبابة بن سوار - وهو ثقة - عن زهير نفسه أيضا كذلك .

ويتأيد باقتصار حسين الجعفي ، وابن عجلان ، ومحمد بن أبان في روايتهم عن ابن الحر ، بل وكل من روى التشهد عن علقمة وغيره عن ابن مسعود على المرفوع فقط ، ولذلك صرح غير واحد من الأئمة بعدم رفعه ، بل اتفقوا - كما قال النووي في الخلاصة على أنه مدرج .

ثم إنه لو صح رفعه ، لكان ظاهره معارضا لقوله - صلى الله عليه وسلم - : " تحليلها التسليم " ، مع أن الخطابي جمع بينهما على تقدير التنزل في عدم الإدراج بأن قوله : فقد قضيت صلاتك أي : معظمها .

( قلت : ومنه ) أي : ومن المدرج مما هو من أقسام المتن أيضا ( مدرج قبل ) أي : قبل الآخر ، بأن يكون في أوله أو أثنائه ( قلب ) بالنسبة لما الإدراج في آخره ولكل منهما أمثلة ( كـ ) حديث ( أسبغوا ) بفتح الهمزة أي : أكملوا ( الوضوء ويل للعقب ) أي : مؤخر القدم ، وفي لفظ وهو الأكثر : للأعقاب من النار .

فإن شبابة بن سوار ، وأبا قطن عمرو بن الهيثم روياه عن شعبة ، عن محمد بن زياد ، عن أبي هريرة برفع الجملتين مع كون الأولى من كلام أبي هريرة ، كما فصله جمهور الرواة [ ص: 300 ] عن شعبة ، واتفق الشيخان على تخريجه كذلك من حديث بعضهم ، واقتصر بعضهم على المرفوع فقط ، فهو مثال لما الإدراج في أوله وهو نادر جدا ، حتى قال شيخنا : إنه لم يجد غيره إلا ما وقع في بعض طرق حديث بسرة الآتي .

ثم إن قول أبي هريرة : ( أسبغوا ) قد ثبت في الصحيح مرفوعا من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص .

وكحديث عائشة في بدء الوحي ; حيث أدرج فيه الزهري : " والتحنث : التعبد " .

وحديث فضالة بن عبيد رفعه : أنا زعيم ببيت في ربض الجنة ; حيث أدرج فيه ابن وهب : " والزعيم : الحميل " .

وحديث هشام بن عروة بن الزبير ، عن أبيه ، عن بسرة ابنة صفوان مرفوعا : من مس ذكره أو أنثييه أو رفغه ، فليتوضأ ; فإن عبد الحميد بن جعفر رواه عن هشام ، وكذا أبو كامل الجحدري عن يزيد بن زريع ، عن أيوب السختياني ، عن هشام كذلك ، مع كون الأنثيين والرفغ إنما هو من قول عروة .

كما فصله حماد بن زيد وغيره عن هشام ، وهو الذي رواه جمهور أصحاب يزيد بن زريع عنه ، ثم جمهور أصحاب السختياني عنه ، [ ص: 301 ] واقتصر عشرون من حفاظ أصحاب هشام على المرفوع فقط ، وممن صرح بأن ذلك قول عروة ، الدارقطني والخطيب ، فهي أمثلة لما الإدراج في وسطه .

لكن قد روى آخرها الطبراني في الكبير من حديث محمد بن دينار الطاحي عن هشام ، فقدم المدرج ، ولفظه : من مس رفغه أو أنثييه أو ذكره وحينئذ فهو مع تكلف ، مثال للذي قبله أيضا ، كما أشير إليه قريبا .

ورواه عبد الأعلى بن عبد الأعلى عن هشام بن حسان عن هشام بلفظ : إذا مس ذكره أو أنثييه فقط ، أخرجه ابن شاهين في الأبواب .

ورواه يزيد بن هارون عن هشام بن حسان بلفظ : إذا مس أحدكم ذكره ، أو قال : فرجه ، أو قال : أنثييه ، فتردده فيه - كما قال شيخنا - يدل على أنه ما ضبطه .

التالي السابق


الخدمات العلمية