فتح المغيث بشرح ألفية الحديث للعراقي

السخاوي - شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي

صفحة جزء
[ قلب السند سهوا وأمثلته ] : والقسم الثاني ( قلب ما لم يقصد الرواة ) قلبه ، بل وقع القلب فيه على سبيل السهو والوهم ، وله أمثلة ( نحو ) حديث : ( إذا أقيمت الصلاة ) فلا تقوموا حتى تروني .

فإنه ( حدثه ) أي : الحديث ( في مجلس ) أبي محمد ثابت بن أسلم البصري ( البناني ) بضم أوله نسبة لمحلة بالبصرة عرف ببنانة بن سعد بن لؤي ( حجاج أعني ) بالنقل والتنوين ( ابن أبي عثمان ) بالصرف ، هو الصواف ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن عبد الله بن أبي قتادة ، عن أبيه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .

[ ص: 342 ] ( فظنه ) أي الحديث ( عن ثابت ) أبو النضر ( جرير ) بن حازم ، ورواه جرير بمقتضى هذا الظن ، عن ثابت البناني ، عن أنس ، كما ( بينه حماد ) وهو ابن زيد ( الضرير ) فيما وصفه به ابن منجويه وابن حبان ، وهو مما طرأ عليه ، لما حكاه ابن أبي خيثمة أن إنسانا سأل عبيد الله بن عمر : أكان حماد أميا ؟ فقال : أنا رأيته في يوم مطير وهو يكتب ، ثم ينفخ فيه ليجف .

والراوي عن حماد لما نبه عليه من غلط جرير إسحاق بن عيسى بن الطباع ، كما رواه أحمد في العلل عنه ، وكما عند الخطيب في الكفاية ، والبيهقي في المدخل ، ويحيى بن حسان كما عند أبي داود في المراسيل كلاهما ، واللفظ لأولهما .

عن حماد قال : كنت أنا وجرير عند ثابت فحدث حجاج عن يحيى بن أبي كثير نعني بهذا الحديث بسنده المتقدم ، فظن جرير أنه فيما حدث به ثابت عن أنس ، يعني وليس كذلك .

وكذا قال البخاري فيما حكاه عنه الترمذي في باب ما جاء في الكلام بعد نزول الإمام من المنبر في كتاب الجمعة من ( جامعه ) ، ويروى عن حماد بن زيد ، قال : كنا عند ثابت فحدث حجاج الصواف ، وذكره .

[ ص: 343 ] وكذا من أمثلته حديث النهي عن كل ذي خطفة ، وعن كل ذي نهبة ، وعن كل ذي ناب ، رواه أبو أيوب الإفريقي ، عن صفوان بن سليم ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي الدرداء ، ولم يسمعه سعيد من أبي الدرداء ، وإنما حدث به رجل في مجلس سعيد ، عن أبي الدرداء ، فسمعه أصحاب سعيد منه .

قال سهيل بن أبي صالح : حدثنا عبد الله بن يزيد بن المنبعث ، قال : سألت سعيد بن المسيب عن الضبع ، فقال شيخ عنده : ثنا أبو الدرداء فذكره .

قال الدارقطني : وهذا أشبه بالصواب ، ونحوه أن ابن عجلان روى عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رفعه : الدين النصيحة .

فقد قال محمد بن نصر المروزي : إنه غلط ، وإنما حدث أبو صالح عن أبي هريرة بحديث : إن الله يرضى لكم ثلاثا وكان عطاء بن يزيد حاضرا ، فحدثهم عن تميم الداري بحديث : إن الدين النصيحة ، فسمعهما سهيل منهما ، والحاصل أنه دخل عليه حديث في حديث .

[ ص: 344 ] ومن هذا القسم ما يقع الغلط فيه بالتقديم في الأسماء والتأخير ; كمرة بن كعب فيجعله كعب بن مرة ، ومسلم بن الوليد فيجعله الوليد بن مسلم ، ونحو ذلك مما أوجبه كون اسم أحدهما اسم أبي الآخر ، وقد صنف كل من الخطيب وشيخنا في هذا القسم خاصة .

التالي السابق


الخدمات العلمية