صفحة جزء
عيوب أهل الحديث بسيطة لا تقارن بغيرهم وهذه كلها أنباز لم يأت بها خبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما أتى عنه في القدرية أنهم مجوس هذه الأمة فإن مرضوا فلا تعودوهم وإن ماتوا فلا تشهدوا جنائزهم .

وفي الرافضة برواية ميمون بن مهران عن ابن عباس قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : يكون قوم في آخر الزمان يسمون الرافضة يرفضون الإسلام ويلفظونه فاقتلوهم فإنهم مشركون .

وفي المرجئة صنفان من أمتي لا تنالهم شفاعتي لعنوا على لسان سبعين نبيا : المرجئة والقدرية .

وفي الخوارج : يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية وهم كلاب أهل النار .

[ ص: 137 ] فهذه أسماء من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتلك أسماء مصنوعة وقد يحمل بعضهم الحمية على أن يقول : الجبرية هم القدرية ، ولو كان هذا الاسم يلزمهم لاستغنوا به عن الجبرية ، ولو ساغ هذا لأهل القدر لساغ مثله للرافضة والخوارج والمرجئة ، وقال كل فريق منهم لأهل الحديث مثل الذي قالته القدرية ، والأسماء لا تقع غير مواقعها ولا تلزم إلا أهلها ، ويستحيل أن تكون الصياقلة هم الأساكفة ، والنجار هو الحداد .

والفطرة التي فطر الناس عليها ، والنظر يبطل ما قذفوهم به ، أما الفطر فإن رجلا لو دخل المصر ، واستدل على القدرية فيه ، أو المرجئة لدله الصبي والكبير والمرأة والعجوز والعامي والخاصي والحشوة والرعاع ، على المسمين بهذا الاسم . ولو استدل على أهل السنة لدلوه على أصحاب الحديث ، ولو مرت جماعة فيهم القدري والسني والرافضي والمرجئ والخارجي فقذف رجل القدرية أو لعنهم لم يكن المراد بالشتم أو اللعن عندهم أصحاب الحديث ، هذا أمر لا يدفعه دافع ولا ينكره منكر .

وأما النظر فإنهم أضافوا القدر إلى أنفسهم ، وغيرهم يجعله لله تعالى دون نفسه . ومدعي الشيء لنفسه أولى بأن ينسب إليه ممن جعله لغيره ، ولأن الحديث جاءنا بأنهم مجوس هذه الأمة وهم أشبه قوم [ ص: 138 ] بالمجوس ، لأن المجوس تقول بإلهين وإياهم أراد الله بقوله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد .

التالي السابق


الخدمات العلمية