صفحة جزء
[ ص: 157 ] قالوا حديث يبطله الإجماع .

6 - لا قطع على المستعير .

قالوا : رويتم عن الزهري عن عروة عن عائشة - رضي الله عنها - أن امرأة كانت تستعير حليا من أقوام فتبيعه فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك فأمر بقطع يدها قالوا : وقد أجمع الناس على أنه لا قطع على المستعير لأنه مؤتمن .

[ ص: 158 ] قال أبو محمد : ونحن نقول إن هذا الحديث صحيح ، غير أنه لا يوجب حكما ، لأنه لم يقل فيه إنه قطعها وإنما قيل أمر بقطعها ، وقد يجوز أن يأمر ولا يفعل ، وهذا قد يكون من الأئمة على وجه التحذير والترهيب ولا يراد به إيقاع الفعل .

ومثله الحديث الذي يرويه الحسن عن سمرة بن جندب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : من قتل عبده قتلناه ومن جدع عبده جدعناه والناس جميعا على أنه لا يقتل رجل بعبده ، ولا يقتص منه لعبده ، وإنما يختلفون في عبد غيره ، وأراد - صلى الله عليه وسلم - ترهيب السيد وتحذيره أن يقتل عبده ، أو يمثل به ولم يرد إيقاع الفعل .

وكان الحكم يجب بأن يقال إنه قتل رجلا بعبده ، أو اقتص منه لعبده ، فأما قوله من فعل فعلنا به ، فإن ذلك تحذير وترهيب وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - : من شرب الخمر فاجلدوه فإن عاد فاجلدوه فإن عاد فاجلدوه فإن عاد فاقتلوه إنما هو ترهيب لئلا يعاوده .

ويدلك على ذلك أنه أتي به في المرة الرابعة فجلده ، ولم يقتله ، وهكذا نقول في الوعيد كله أنه جائز أن يقع وأن لا يقع ، على حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : من وعده الله على عمل ثوابا فهو منجزه له ، ومن أوعده عقابا فهو فيه بالخيار .

التالي السابق


الخدمات العلمية