صفحة جزء
[ ص: 332 ] 24 - قالوا : حديثان متناقضان

الشفعة

قالوا : رويتم أن عمرو بن الشريد سمع أبا رافع عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : الجار أحق بصقبه .

وعن قتادة ، عن الحسن ، عن سمرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : جار الدار أحق بدار الجار أو الأرض ، ثم رويتم عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن جابر قال : إنما جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الشفعة في كل مال لم يقسم ، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة قالوا : وهذا خلاف الأول .

قال أبو محمد : ونحن نقول في هذا الحديث الثاني إنه لا يدل على أن جابرا سمع ما قال من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألا تراه يقول : إنما جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الشفعة في كل مال لم يقسم ، فهو حكم منه وظن منه أو سماع من رجل عنه والحديثان الأولان متصلان وعلى أنهما جميعا يرجعان إلى تأويل واحد .

[ ص: 333 ] أما الأول فمعناه الجار أحق بملاصقه من دار جاره ، والصقب الدنو بالملاصقة ، قال الشاعر :

كوفية نازح محلتها لا أمم دارها ولا صقب



يريد بقوله : لا أمم دارها ، أي : لا قريب ، ولا صقب : لا ملاصقة .

والحديث الثاني : إنما جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الشفعة في كل مال لم يقسم ، فإذا وقعت الحدود فلا شفعة .

كأن ربعا فيه منازل ، وهو لأقوام عشرة مشتركين فيه ، فإن باع واحد منهم حصة من تلك المنازل كانت الشفعة لجميعهم في الحصة وصار لكل واحد منهم تسعها ، فإن قسمت تلك المنازل قبل أن يبيع واحد منهم شيئا فصار لكل واحد منهم منزل بعينه ، فإذا أراد أحدهم أن يبيع منزله لم يكن للقوم شفعة ، وإنما تجب الشفعة لجاره الملاصق له ، فدلنا بهذا الحديث على أن القسمة إذا وقعت زال حكم المشاع .

التالي السابق


الخدمات العلمية