صفحة جزء
[ ص: 343 ] 27 - قالوا : حديث في القدر

قالوا : رويتم أن موسى - عليه السلام - كان قدريا وحاج آدم - عليه السلام - فحجه ، وأن أبا بكر كان قدريا وحاج عمر فحجه عمر .

قال أبو محمد : ونحن نقول : إن هذا تخرص وكذب على الخبر ، ولا نعلم أنه جاء في شيء من الحديث أن موسى - عليه السلام - كان قدريا ، ولا أن أبا بكر - رضي الله عنه - كان قدريا .

حدثنا أبو الخطاب قال : حدثنا بشر بن المفضل ، قال : حدثنا داود بن أبي هند ، عن عامر ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لقي موسى آدم - صلى الله عليهما وسلم - فقال : أنت آدم أبو البشر الذي أشقيت الناس وأخرجتهم من الجنة ؟ قال : نعم ، فقال ألست موسى الذي اصطفاك الله على الناس برسالاته وبكلامه ؟ قال : بلى ، قال : أفليس تجد فيما أنزل عليك أنه سيخرجني منها قبل أن يدخلنيها ؟ قال : بلى ، قال : فخصم آدم موسى صلى الله عليهما وسلم .

قال أبو محمد : فأي شيء في هذا القول يدل على أن موسى - عليه [ ص: 344 ] السلام - كان قدريا ونحن نعلم أن كل شيء بقدر الله وقضائه ، غير أنا ننسب الأفعال إلى فاعليها ونحمد المحسن على إحسانه ونلوم المسيء بإساءته ، ونعتد على المذنب بذنوبه .

وأما قولهم : إن أبا بكر - رضي الله عنه - كان قدريا ، فهو أيضا تحريف وزيادة في الحديث ، وإنما تنازعا في القدر وهما لا يعلمان ، فلما علما كيف ذلك اجتمعا فيه على أمر واحد كما كانا لا يعلمان أمورا كثيرة من أمر الدين وأمر التوحيد حتى أعلمهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونزل الكتاب وحددت السنن فعلما بعد ذلك .

على أن الحديث عن أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - عند أهل الحديث ضعيف يرويه إسماعيل بن عبد السلام ، عن زيد بن عبد الرحمن ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، ويرويه رجل من أهل خراسان ، عن مقاتل بن حيان ، عن عمرو بن شعيب ، وهؤلاء لا يعرف أكثرهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية