صفحة جزء
10597 - حدثنا أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي ، ثنا إبراهيم بن بشار الرمادي ، ثنا أبو عبد الرحمن الحراني وهو عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي ، ثنا عبيد الله بن عياش ، وموسى بن يزيد الحرانيان ، قالا : ثنا جويبر ، عن الضحاك بن مزاحم الهلالي قال : " خرج نافع بن الأزرق ونجدة بن عويمر في نفر من رءوس الخوارج لينقروا عن العلم ويطلبونه ، حتى قدموا مكة ، فإذا هم بعبد الله بن عباس قاعدا قريبا من زمزم ، وعليه رداء أحمر وقميص ، وإذا ناس قيام يسألونه عن التفسير يقولون : يا ابن عباس ، ما تقول في كذا وكذا ؟ فيقول : هو كذا أو كذا ، فقال له نافع بن الأزرق : ما أجرأك يا ابن عباس على ما تجريه منذ اليوم ، فقال له ابن العباس : ثكلتك أمك يا نافع وعدمتك ، ألا أخبرك من هو أجرأ مني ؟ قال : من هو يا ابن عباس ؟ قال : رجل تكلم بما ليس له به علم ، ورجل كتم علما عنده ، قال : صدقت يا ابن عباس ، أتيتك لأسألك ، قال : هات يا ابن الأزرق فسل ، قال : أخبرني عن قول الله عز وجل : يرسل عليكما شواظ من نار ما الشواظ ؟ قال : اللهب الذي لا دخان فيه ، قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول أمية بن أبي الصلت :

[ ص: 249 ]

ألا من مبلغ حسان عني مغلغلة تدب إلى عكاظ     أليس أبوك قينا كان فينا
إلى القينات فسلا في الحفاظ     يمانيا يظل يشب كيرا
وينفخ دائبا لهب الشواظ

قال : صدقت ، فأخبرني عن قوله ونحاس فلا تنتصران ، ما النحاس ؟ قال : الدخان الذي لا لهب فيه ، قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك ؟ قال : نعم ، أما سمعت [ قول ] نابغة بني ذبيان يقول :


يضيء كضوء سراج السليط     لم يجعل الله فيه نحاسا

قال : صدقت ، فأخبرني عن قول الله عز وجل أمشاج نبتليه ، قال : ماء الرجل وماء المرأة إذا اجتمعا في الرحم كان مشجا ، قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك ؟ قبل أن ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول أبي ذؤيب الهذلي وهو يقول :


كأن النصل والفوقين منه     خلال الريش سيط به مشيج

قال : صدقت ، فأخبرني عن قول الله عز وجل والتفت الساق بالساق ، ما الساق بالساق ؟ قال : الحرب ، قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول أبي ذؤيب الهذلي :


أخو الحرب إن عضت به الحرب عضها     وإن شمرت عن ساقها الحرب شمرا

قال : صدقت ، فأخبرني عن قول الله عز وجل بنين وحفدة ، ما [ ص: 250 ] البنون والحفدة ؟ قال : بنوك ؛ فإنهم يعاطونك ، وأما حفدتك فإنهم خدمك ، قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول أمية بن أبي الصلت الثقفي :

حفد الولائد حولهن وألقيت     بأكفهن أزمة الأحمال

قال : صدقت ، فأخبرني عن قول الله عز وجل إنما أنت من المسحرين ، ما المسحرون ؟ قال : من المخلوقين ، قال : فهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول أمية بن أبي الصلت وهو يقول :


فإن تسألينا مم نحن فإننا     عصافير من هذا الأنام المسحر

قال : صدقت ، فأخبرني عن قول الله عز وجل : فنبذناه في اليم وهو مليم ، ما المليم ؟ قال : المذنب ، قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول أمية بن أبي الصلت وهو يقول :


بعيد من الآفات لست لها بأهل     ولكن المسيء هو المليم

قال : صدقت ، فأخبرني عن قول الله عز وجل : قل أعوذ برب الفلق ، ما الفلق ؟ قال : ضوء الصبح ، قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول لبيد بن ربيعة :


الفارج الهم مبذول عساكره     كما يفرج ضوء الظلمة الفلق

قال : صدقت ، فأخبرني عن قول الله عز وجل [ ص: 251 ] لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم ، ما الأسى ؟ قال : لكي لا تحزنوا ، قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول لبيد بن ربيعة :

قليل الأسى فيما أتى الدهر دونه     كريم النثا حلو الشمائل معجب

قال : صدقت ، فأخبرني عن قول الله عز وجل ظن أن لن يحور ، ما يحور ؟ قال : يرجع ، قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول لبيد بن ربيعة :


وما المرء إلا كالشهاب وضوؤه     يحور رمادا بعد إذ هو ساطع

قال : صدقت ، فأخبرني عن قول الله عز وجل يطوفون بينها وبين حميم آن ، ما الآن ؟ قال : الذي قد انتهى حره ، قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول نابغة بني ذبيان :


فإن يقبض عليك أبو قبيس     تحط بك المنية في هوان
وتخضب لحية غدرت وخانت     بأحمر من نجيع الجوف آن

قال : صدقت ، فأخبرني عن قول الله عز وجل فأصبحت كالصريم ، ما الصريم ؟ قال : كالليل المظلم ، قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول نابغة بني ذبيان :


لا تزجروا مكفهر الأكفاء له     كالليل يخلط أصراما بأصرام

[ ص: 252 ] قال : صدقت ، فأخبرني عن قول الله عز وجل إلى غسق الليل ، ما غسق الليل ؟ قال : إذا أظلم ، قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، أما سمعت النابغة وهو يقول :


كأنما جل ما قالوا وما وعدوا     آل تضمنه من دامس غسق

قال أبو خليفة : الآل : السراب

قال : صدقت ، فأخبرني عن قول الله عز وجل وكان الله على كل شيء مقيتا ما المقيت ؟ قال : قادر ، قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول امرئ القيس :


وذي ضغن كففت الضغن عنه     وإني في مساءته مقيت

قال : صدقت ، فأخبرني عن قول الله عز وجل والليل إذا عسعس قال : إقباله بسواده ، قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول امرئ القيس :


عسعس حتى لو يشاء ادنا     كان لنا من ضوء نوره مقبس

قال : صدقت ، فأخبرني عن قول الله عز وجل وأنا به زعيم ، قال : الزعيم : الكفيل ، قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول امرئ القيس :


وإني زعيم إن رجعت مملكا     بسير ترى منه الفرانق أزورا

قال : صدقت ، فأخبرني عن قول الله عز وجل وفومها ، ما الفوم ؟ قال : الحنطة ، قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب [ ص: 253 ] على محمد صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول أبي ذؤيب الهذلي :


قد كنت تحسبني كأغنى وافد     قدم المدينة عن زراعة فوم

قال : صدقت ، فأخبرني عن قول الله عز وجل " الأزلام " ، ما الأزلام ؟ قال : القداح ، قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول الحطيئة :


لا يزجر الطير إن مرت به سنحا     ولا يقام له قدح بأزلام

قال : صدقت ، فأخبرني عن قول الله عز وجل أصحاب المشأمة ، ما أصحاب المشأمة ؟ قال : أصحاب الشمال ، قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم ؟ قال : أما سمعت بقول زهير بن أبي سلمى :


نزل الشيب بالشمال قريبا     والمرورات دائيا وحقيرا

قال : صدقت ، فأخبرني عن قول الله عز وجل وإذا البحار سجرت قال : اختلط ماؤها بماء الأرض ، قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول زهير بن أبي سلمى :


لقد عرفت ربيعة في جذام     وكعب خالها وابنا ضرار
لقد نازعتم حسبا قديما     وقد سجرت بحارهم بحاري



قال : صدقت ، فأخبرني عن قول الله عز وجل والسماء ذات الحبك ، ما الحبك ؟ قال : ذات الطرائق ، قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، أما [ ص: 254 ] سمعت قول زهير بن أبي سلمى :


مكلل بأصول النجم تنسجه     ريح الشمال لضاحي مائه حبك

قال : صدقت ، فأخبرني عن قول الله عز وجل جد ربنا ، ما جد ربنا ؟ قال : ارتفعت عظمته ، قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول طرفة بن العبد للنعمان بن المنذر :


إلى ملك يضرب الدارعي     ن لم ينقص الشيب منه قبالا
ترفع بجدك إني امرؤ سقتني     الأعادي سجالا سجالا

قال : صدقت ، فأخبرني عن قول الله عز وجل حتى تكون حرضا ، قال : الحرض : البالي ، قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول طرفة بن العبد :


أمن ذكر ليلى إن نأت غربة     بها أعد حريضا للكرا محرم

قال : صدقت ، فأخبرني عن قول الله جل ذكره وأنتم سامدون ، ما سامدون ؟ قال : لاهون ، قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول هزيلة بنت بكر تبكي عادا :


بعثت عاد لقيما     وأبا سعد مريدا
قيل قم فانظر إليهم     ثم دع عنك السمودا

قال : صدقت ، فأخبرني عن قول الله عز وجل : إذا اتسق ما [ ص: 255 ] اتساقه ؟ قال : إذا اجتمع ، قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول أبي صرمة الأنصاري :


إن لنا قلائصا نقائقا     مستوسقات لو يجدن سائقا

قال : صدقت ، فأخبرني عن قول الله عز وجل : " الأحد " " الصمد " ، أما الأحد فقد عرفناه ، فما الصمد ؟ قال : الذي يصمد إليه في الأمور كلها ، قال : فهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، أما سمعت بقول الأسدية :

ألا بكر الناعي بخيري بني أسد     بعمرو بن مسعود وبالسيد الصمد

قال : صدقت ، فأخبرني عن قول الله عز وجل يلق أثاما ، ما الأثام ؟ قال : جزاء ، قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، أما سمعت بقول بشر بن أبي حازم الأسدي :


وإن مقامنا ندعو عليهم     بأبطح ذي المجاز له أثام

قال : صدقت ، فأخبرني عن قول الله عز وجل وهو كظيم ، ما الكظيم ؟ قال : الساكت ، قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، أما سمعت بقول زهير بن جذيمة العبسي :


فإن تك كاظما بمصاب شاس     فإني اليوم منطلق لساني

قال : صدقت ، فأخبرني عن قول الله عز وجل أو تسمع لهم ركزا قال : صوابا ، قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب [ ص: 256 ] على محمد صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، أما سمعت بقول خداش بن زهير :


فإن سمعتم بحبل هابط سرفا     أو بطن قوم فأخفوا الركز واكتتموا

قال : صدقت ، فأخبرني عن قول الله عز وجل إذ تحسونهم بإذنه ، قال : إذ تقتلونهم بإذنه ، قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، أما سمعت بقول عتبة الليثي :


نحسهم بالبيض حتى كأنما     نفلق منهم بالجماجم حنظلا

قال : صدقت ، فأخبرني عن قول الله عز وجل ياأيها النبي إذا طلقتم النساء ، هل كان الطلاق في الجاهلية ؟ قال : نعم ، طلاقا بائنا ثلاثا ، أما سمعت قول أعشى بني قيس بن ثعلبة حين أخذه أختانه عنزة فقالوا له : إنك قد أضررت بصاحبتنا ، وإنا نقسم بالله أن لا نضع العصا عنك أو تطلقها ، فلما رأى الجد منهم وأنهم فاعلون به شرا قال :


يا جارتا بيني فإنك طالقه     كذاك أمور الناس غاد وطارقه

فقالوا : والله لتبينن لها الطلاق ، أو لا نضع العصا عنك ، فقال :

فبيني حصان الفرج غير ذميمة     وما موقة منا كما أنت وامقة

، فقالوا : والله لتبينن الطلاق ، أو لا نضع العصا عنك ، فقال :

وبيني فإن البين خير من العصا     وإن لا تزالي فوق رأسك بارقه



فأبانها بثلاث تطليقات " .

[ ص: 257 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية