صفحة جزء
10598 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدبري ، عن عبد الرزاق ، ح وحدثنا علي بن عبد العزيز ، ثنا أبو حذيفة موسى بن مسعود ، كلاهما عن عكرمة بن عمار ، ثنا أبو زميل الحنفي ، ثنا عبد الله بن عباس قال : لما اعتزلت حروراء ، وكانوا في دار على حدتهم ، قلت لعلي : يا أمير المؤمنين ، أبرد عن الصلاة ؛ لعلي آتي هؤلاء القوم فأكلمهم ، قال : فإني أتخوفهم عليك ، قال : قلت : كلا إن شاء الله ، قال : فلبست أحسن ما أقدر عليه من هذه اليمانية ، ثم دخلت عليهم وهم قائلون في نحر الظهيرة ، فدخلت على قوم لم أر قوما قط أشد اجتهادا منهم ، أيديهم كأنها ثفن الإبل ، ووجوههم معلبة من آثار السجود ، قال : فدخلت ، فقالوا : مرحبا بك يا ابن عباس ، ما جاء بك ؟ قال : جئت أحدثكم عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، نزل الوحي وهم أعلم بتأويله ، فقال بعضهم : لا تحدثوه ، وقال بعضهم : لنحدثنه ، قال : قلت : أخبروني ما تنقمون على ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وختنه ، وأول من آمن به ، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم معه ؟ قالوا : ننقم عليه ثلاثا ، قلت : ما هن ؟ قالوا : أولهن أنه حكم الرجال في دين الله ، وقد قال الله إن الحكم إلا لله ، قال : قلت : وماذا ؟ قالوا : وقاتل ولم يسب ولم يغنم ، لئن كانوا كفارا لقد حلت له أموالهم ، ولئن كانوا مؤمنين لقد حرمت عليه دماؤهم ، قال : قلت : وماذا ؟ قالوا : ومحا نفسه من أمير المؤمنين ، فإن لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين ، قال : قلت : أرأيتم إن قرأت عليكم من كتاب الله المحكم ، وحدثتكم من سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم ما لا تنكرون ، أترجعون ؟ قالوا : نعم ، قال : قلت : أما قولكم : إنه حكم الرجال في دين الله ، فإنه يقول ياأيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم إلى قوله يحكم به ذوا عدل منكم ، وقال في المرأة وزوجها [ ص: 258 ] وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها ، أنشدكم الله أحكم الرجال في حقن دمائهم وأنفسهم وصلاح ذات بينهم أحق أم في أرنب ثمنها ربع درهم ؟ قالوا : اللهم في حقن دمائهم وصلاح ذات بينهم ، قال : خرجت من هذه ؟ قالوا : اللهم نعم ، وأما قولكم : إنه قاتل ولم يسب ولم يغنم ، أتسبون أمكم ، أم تستحلون منها ما تستحلون من غيرها ؟ فقد كفرتم ، وإن زعمتم أنها ليست بأمكم فقد كفرتم وخرجتم من الإسلام ، إن الله عز وجل يقول النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم ، فأنتم تترددون بين ضلالتين ، فاختاروا أيهما شئتم ، أخرجت من هذه ؟ قالوا : اللهم نعم ، قال : وأما قولكم : إنه محا نفسه من أمير المؤمنين ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا قريشا يوم الحديبية على أن يكتب بينه وبينهم كتابا ، فقال : " اكتب : هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله " ، فقالوا : والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ، ولا قاتلناك ، ولكن اكتب : محمد بن عبد الله ، فقال : " والله إني لرسول الله وإن كذبتموني ، اكتب يا علي محمد بن عبد الله " ، فرسول الله صلى الله عليه وسلم كان أفضل من علي ، أخرجت من هذه ؟ قالوا : اللهم نعم ، فرجع منهم عشرون ألفا ، وبقي منهم أربعة آلاف ، فقتلوا .

التالي السابق


الخدمات العلمية