صفحة جزء
( 270 ) حدثنا أبو معين ثابت بن نعيم الهوجي ، ثنا آدم بن أبي إياس ، ( ح ) وحدثنا عمر بن حفص السدوسي ، ومحمد بن يحيى المروزي قالا : ثنا [ ص: 133 ] عاصم بن علي ، قالا : ثنا المسعودي ، عن عمرو بن مرة ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن معاذ بن جبل ، قال : أحيلت الصلاة ثلاثة أحوال ، وأحيل الصوم ثلاثة أحوال ، فأما أحوال الصلاة : فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فصلى نحو بيت المقدس سبعة عشر شهرا ، ثم أنزل الله : قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها ، فتوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة ، فكان هذا حالا ، وكانوا مجتمعين في الصلاة ويؤذن بعضهم بعضا حتى نقسوا أو كادوا أن ينقسوا ، ثم إن رجلا يقال له عبد الله بن زيد أتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله لو حدثتك أني لم أكن نائما ، بين النائم واليقظان ، رأيت شخصا عليه ثوبان أخضران قائما فاستقبل القبلة فقال : الله أكبر الله أكبر حتى فرغ من الأذان مرتين مرتين ، ثم قال في آخر أذانه : الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، ثم تمهل شيئا ، ثم قام فقال مثل الذي قال ، غير أنه زاد : قد قامت الصلاة ، فقال : " علمها بلالا " ، فكان أول من أذن بها بلال ، وجاء عمر بن الخطاب فقال : يا رسول الله قد أطاف بي مثل الذي أطاف بعبد الله بن زيد غير أنه سبقني إليك ، فهذان حولان ، وكانوا يأتون الصلاة قد سبقهم النبي صلى الله عليه وسلم ببعض الصلاة فيشيرون إليهم كم صلى بالأصابع واحدة ثنتين ، فجاء معاذ وقد سبقه النبي صلى الله عليه وسلم ببعض الصلاة فدخل في الصلاة فقال : لا أجده في حال إلا كنت عليها ، ثم قضيت فجاء وقد سبقه ببعض الصلاة ، فدخل في الصلاة فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة قام معاذ يقضي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قد سن لكم معاذ ، فهكذا فافعلوا " ، فهذه ثلاثة أحوال .

وأما أحوال الصيام فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فجعل يصوم من كل شهر ثلاثة أيام ، وصام عاشوراء ، وصام سبعة عشر شهرا من [ ص: 134 ] ربيع إلى شهر ربيع إلى شهر رمضان ، ثم إن الله عز وجل فرض عليه شهر رمضان ، فأنزل عليه : كتب عليكم الصيام إلى قوله : فدية طعام مسكين فكان من شاء صام ، ومن شاء طعم وأجزأه ذلك ، ثم إن الله أثبت صيامه على المقيم الصحيح ، ورخص فيه للمريض والمسافر ، وثبت الإطعام للكبير الذي لا يستطيع الصيام ، وأنزل عليه : شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه وكانوا يأكلون ويشربون ، ويأتون النساء ما لم يناموا ، فإذا ناموا امتنعوا من ذلك ، ثم إن رجلا يقال له : صرمة ظل يومه صائما يعمل ، فجاء إلى أهله فنام قبل أن يفطر فأصبح صائما ، فرآه النبي صلى الله عليه وسلم من آخر النهار قد جهد جهدا شديدا ، فقال : " ما لي أراك قد جهدت ؟ " فقال : إني ظللت أمس أعمل ، فجئت فنمت قبل أن أفطر ، وجاء عمر وقد أصاب من أهله بعدما نام ، فذكر ذلك له ، فأنزل الله عز وجل : أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم إلى آخر الآية
.

التالي السابق


الخدمات العلمية