صفحة جزء
( 1022 ) حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدبري ، عن عبد الرزاق ، عن يحيى بن العلاء ، عن عمه شعيب بن خالد ، عن حنظلة بن سبرة بن المسيب بن نجية ، عن أبيه ، عن جده ، عن ابن عباس ، قال : كانت فاطمة تذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلا يذكرها أحد إلا صد عنه حتى يئسوا منها ، فلقي سعد بن معاذ عليا ، فقال : إني والله ما أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبسها إلا عليك فقال له علي : فلم تر ذلك ؟ فوالله ما أنا بأحد الرجلين ، ما أنا بصاحب دنيا يلتمس ما عندي ، وقد علم ما لي صفراء ولا بيضاء ، وما أنا بالكافر الذي يترفق بها عن دينه - يعني يتألفه بها - [ ص: 411 ] إني لأول من أسلم ، فقال سعد : فإني أعزم عليك لتفرجنها عني ، فإن لي في ذلك فرجا ، قال : أقول ماذا ؟ قال : تقول : جئت خاطبا إلى الله ورسوله فاطمة بنت محمد ، قال : فانطلق علي وهو ثقيل حصر فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " كأن لك حاجة يا علي ؟ " ، قال : أجل جئتك خاطبا إلى الله وإلى ورسوله فاطمة بنت محمد ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " مرحبا " كلمة ضعيفة ، ثم رجع إلى سعد بن معاذ ، فقال له : قد فعلت الذي أمرتني به ، فلم يزد على أن رحب بي كلمة ضعيفة ، فقال سعد : أنكحك والذي بعثه بالحق ، إنه لا خلف الآن ، ولا كذب عنده ، وأعزم عليك لتأتينه غدا ، فلتقولن يا نبي الله ، متى تبنيني ؟ فقال علي : هذه أشد علي من الأولى ، أولا أقول : يا رسول الله حاجتي قال : قل كما أمرتك ، فانطلق علي ، فقال : يا رسول الله متى تبنيني ؟ ، قال : الليلة إن شاء الله ، ثم دعا بلالا فقال : " يا بلال ، إني قد زوجت ابنتي ابن عمي ، وأنا أحب أن يكون من سنة أمتي الطعام عند النكاح ، فائت المغنم فخذ شاة وأربعة أمداد ، واجعل لي قصعة لعلي أجمع عليها المهاجرين والأنصار ، فإذا فرغت فآذني بها " فانطلق ففعل ما أمره ، ثم أتاه بقصعة فوضعها بين يديه فطعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في رأسها ، وقال : " أدخل الناس علي زقة زقة ولا تغادرون زقة إلى غيرها " ، يعني إذا فرغت زقة ، فلا تعودن ثانية فجعل الناس يردون كلما فرغت زقة وردت أخرى حتى فرغ الناس ، ثم عمد النبي صلى الله عليه وسلم إلى ما فضل منها فتفل فيها وبارك وقال : " يا بلال احملها إلى أمهاتك وقل لهن : كلن وأطعمن من غشيكن " ثم قام النبي صلى الله عليه وسلم حتى دخل على النساء فقال : إني زوجت بنتي ابن عمي ، وقد علمتن منزلتها مني وأنا دافعها إليه ، فدونكن ابنتكن ، فقمن النساء فغلفنها من طيبهن ، وألبسنها من ثيابهن ، وحلينها من حليهن " ثم إن النبي [ ص: 412 ] صلى الله عليه وسلم دخل ، فلما رأينه النساء ذهبن وبينهن وبين النبي صلى الله عليه وسلم ستر وتخلفت أسماء بنت عميس ، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم على رسلك : " من أنت ؟ " قالت : أنا التي أحرس ابنتك ، إن الفتاة ليلة تبنى بها لا بد لها من امرأة تكون قريبة منها ، إن عرضت لها حاجة ، أو أرادت شيئا أفضت بذلك إليها قال : " فإني أسأل إلهي أن يحرسك من بين يديك ، ومن خلفك ، وعن يمينك ، وعن شمالك من الشيطان الرجيم " ثم صرخ بفاطمة فأقبلت ، فلما رأت عليا جالسا إلى النبي صلى الله عليه وسلم حصرت وبكت فأشفق النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون بكاؤها ؛ لأن عليا لا مال له ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " ما يبكيك ؟ فما ألوتك في نفسي وقد أصبت لك خير أهلي وايم الذي نفسي بيده لقد زوجتك سعيدا في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين " فلان منها فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " يا أسماء ائتيني بالمخضب فاملئيه ماء " فأتت أسماء بالمخضب فملأته فمج النبي صلى الله عليه وسلم فيه ومسح فيه وجهه وقدميه ثم دعا فاطمة ، فأخذ كفا من ماء فضرب به على رأسها وكفا بين ثدييها ثم رش جلده وجلدها ، ثم التزمها فقال اللهم : " إنهما مني وأنا منهما اللهم كما أذهبت عني الرجس وطهرتني فطهرهما " ثم دعا بمخضب آخر ، ثم دعا عليا فصنع به كما صنع بها ثم دعا له كما دعا لها ثم قال لهما : " قوما إلى بيتكما جمع الله بينكما وبارك في سيركما وأصلح بالكما " ثم قام فأغلق عليهما بابه بيده . قال ابن عباس : فأخبرتني أسماء بنت عميس أنها رمقت رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يزل يدعو لهما خاصة لا يشركهما في دعائه أحدا حتى توارى في حجرته صلى الله عليه وسلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية