صفحة جزء
( 140 ) حدثنا بكر بن سهل الدمياطي ، ثنا عبد الله بن يوسف ، ثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، قال : سمعت عطاء بن أبي مسلم الخراساني ، يحدث ، عن الزهري ، عن عروة بن الزبير ، عن عائشة . ح وحدثنا أحمد بن شعيب أبو عبد الرحمن النسائي ، أنا إسحاق بن راهويه ، أنا كلثوم بن محمد بن أبي سدرة ، ثنا عطاء الخراساني ، عن ابن [ ص: 75 ] شهاب ، عن علقمة بن وقاص ، وعروة بن الزبير ، عن عائشة . ح وحدثنا عبد العزيز بن سليمان الحرملي الأنطاكي ، ثنا يعقوب بن كعب الحلبي ، ثنا كلثوم بن محمد بن أبي سدرة ، عن عطاء الخراساني ، عن محمد بن مسلم الزهري ، عن عروة بن الزبير ، وعبيد الله بن عبد الله ، وسعيد بن المسيب ، وعلقمة بن وقاص ، عن عائشة ، قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا خرج إلى سفر أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه ، قالت : فأقرع بيننا في غزوة غزاها فخرج سهمي ، فخرجت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذلك بعدما أنزل الحجاب ، فأنا أحمل في هودج وأنزل فيه ، حتى إذا قفل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودنا من المدينة آذن بالرحيل ، فقمت حين أذن بالرحيل فمشيت حتى جاوزت الجيش لقضاء حاجتي ، فلمست صدري فإذا عقد لي من أظفار قد انقطع ، فرجعت ألتمسه ، وحبسني ابتغاؤه ، وأقبل الرهط الذين كانوا يحملون هودجي فرحلوه على بعيري وهم يحسبون أني فيه ، وكن النساء إذ ذاك خفافا لم يهتبلن ، وإنما كن نأكل العلقة من الطعام ، وكنت جارية حديثة السن فلم يستنكر القوم ثقل الهودج حين رحلوه على بعيري ، فساروا ، فجئت المنزل وليس به منهم داع ولا مجيب ، فيممت منزلي الذي كنت فيه ، وظننت أنهم سيرجعون في طلبي ، قالت : فبينما أنا قاعدة إذ غلبتني عيني فنمت ، وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني من وراء الجيش فأدلج فأصبح في المنزل ، فرأى سواد إنسان نائم فعرفني ، وقد كان رآني قبل أن ينزل الحجاب ، فاستيقظت باسترجاعه فخمرت بجلبابي وجهي ، والله ما كلمته ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه حتى أناخ بعيره فركبته فأتينا الناس في نحر الظهيرة ، فهلك من هلك ، وكان الذي تولى كبره [ ص: 76 ] منهم عبد الله بن أبي بن سلول ، قالت : فسرنا حتى قدمنا المدينة ، فاشتكيت شهرا لا أشعر بما قالوا : وهو يريبني من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أني لا أعرف منه اللطف الذي كنت أرى منه ، إنما يدخل علي فيقول : " كيف تيكم ؟ " ولا يزيد على ذلك ، حتى خرجت قبل المناصع ، وخرجت معي أم مسطح ، وكنا لا نخرج إلا ليلا إلى ليل ، وكنا نتأذى بالكنف أن نتخذها قريبا من بيوتنا ، وأمرنا أمر العرب الأول ، فلما انصرفنا عثرت أم مسطح في مرطها - أو بمرطها - ، فقالت : تعس مسطح ، فقلت لها : بئس ما قلت أتسبين رجلا شهد بدرا ؟ ، قالت : فما علمت ما قال ؟ قلت : وما قال ؟ فأخبرتني بقول أهل الإفك ، فزادني مرضا على ما كان بي ، قالت : وكانت أم مسطح بنت صخر بن عامر خالة أبي بكر الصديق ، وكان ابنها مسطح بن أثاثة بن عباد بن المطلب بن عبد مناف ، قالت عائشة : فبكيت ليلتين ويوما حتى ظننت أن البكاء فالق كبدي ، قالت : فلما استلبث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الوحي دعا أسامة بن زيد وعلي بن أبي طالب يستشيرهما في فراق أهله ، فقال أسامة : يا رسول الله أهلك وما علمنا إلا خيرا ، وقال علي : لم يضيق الله عليك ، والنساء كثير سواها ، وإن تسأل الجارية تصدقك ، فدعا رسول الله بريرة ، فقال : " يا بريرة هل رأيت من عائشة شيئا تكرهينه ؟ " ، قالت : لا ، والذي بعثك بالحق ، ما رأيت منها أمرا أغمصه عليها أكثر من أنها جارية حديثة السن ، تنام عن عجين أهلها فتدخل الداجن فتأكله ، قالت : وقد كانت امرأة أبي أيوب ، قالت لأبي أيوب : أما سمعت ما يتحدث الناس به ، فحدثته بقول أهل الإفك ، فقال : سبحانك ما يكون لنا أن نتكلم بهذا ، سبحانك هذا بهتان عظيم ، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : " يا معشر [ ص: 77 ] المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغني أذاه في أهلي والله ما علمت عليها إلا خيرا ، ولقد ذكروا رجلا صالحا ما كان يدخل على أهلي إلا معي " ، فقام سعد بن معاذ ، فقال : أنا أعذرك منه يا رسول الله ، إن كان من الأوس ضربنا عنقه ، وإن كان من إخواننا الخزرج أمرتنا ففعلنا فيه أمرك ، فقام سعد بن عبادة ، وكان قبل ذلك رجلا صالحا ، ولكن احتملته الحمية ، فقال لسعد بن معاذ : كذبت لعمر الله ولا تقدر على قتله ، فقام أسيد بن حضير وهو ابن عم سعد بن معاذ فقال لسعد بن عبادة : كذبت لعمر الله ليقتلنه ، فإنك منافق تجادل عن المنافقين ، فتثاور الحيان حتى هموا أن يقتتلوا ، فلم يزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى حجز بينهم ، قالت : فدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي وعندي أبواي ، وكانت امرأة من الأنصار دخلت علي فهي تساعدني ، قالت : فجلس ، ولم يجلس عندي منذ قيل لي ما قيل ، فقال : " أما بعد يا عائشة فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا ، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله ، وإن كنت ألممت بشيء فاستغفري الله وتوبي إليه " ، قالت : فلما قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقالته قلص دمعي حتى ما أحس منه قطرة ، فقلت لأبي : أجب رسول الله فيما قال ، فقال : والله ما أدري ما أقول لرسول الله ، فقلت لأمي : أجيبي رسول الله فيما قال ، قالت : فقالت أمي : وما أدري ما أقول لرسول الله ، قالت : وكنت جارية حديثة السن لم أكن أقرأ كثيرا من القرآن ، فقلت : والله لئن اعترفت لكم بأمر والله يعلم أني منه بريئة لتصدقونني ، ولئن قلت إني بريئة لا تصدقونني ، والله لا أجد لي ولكم مثلا إلا ما قال أبو يوسف : فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون ، قلت : ثم تحولت والله يعلم أني بريئة ، ولشأني كان أصغر في نفسي [ ص: 78 ] من أن ينزل في قرآن ، قالت : ولكني كنت أرجو أن يري الله رسوله في منامه رؤيا يبرئني فيها ، قالت : فوالله ما رام رسول الله مجلسه ، ولا خرج أحد من أهل البيت حتى أخذته البرحاء ، قالت : وكان إذا أوحي إليه أخذته البرحاء حتى أنه ليتحدر منه مثل الجمان من العرق في اليوم الشاتي ، قالت : فسري عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين سري عنه ، فكان أول كلمة تكلم بها ، قال : " أما الله فقد برأك يا عائشة " ، فقالت لي أمي : قومي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقلت : والله لا أقوم إليه ولا أحمد على ذلك إلا الله ، فأنزل الله جل ذكره : إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم إلى قوله والله سميع عليم ، وكان أبو بكر ينفق على مسطح لفاقته وقرابته ، فلما تكلم بما تكلم به قال : والله لا أنفق عليه شيئا أبدا ، فأنزل الله عز وجل ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة إلى قوله ألا تحبون أن يغفر الله لكم ، فقال أبو بكر : بلى أحب أن يغفر الله لي ، فرجع إلى مسطح مثلما كان ينفق عليه ، وسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زينب بنت جحش قالت : وكانت هي التي تساميني من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فسألها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عني ، فعصمها الله بالورع ، فقالت : أحمي سمعي وبصري ما رأيت عليها شيئا يريبني ، وكانت أخت زينب حمنة تحاربني فهلكت فيمن هلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية