صفحة جزء
( 149 ) حدثنا علي بن عبد العزيز ، وأبو مسلم الكشي ، قالا : ثنا حجاج بن المنهال ، ثنا حماد بن سلمة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، إنها قالت : لقد تحدث الناس بهذا الأمر وشاع وقام رسول الله فيه خطيبا ، وما أشعر به فدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في نفر من أصحابه على جارية لي نوبية ، فقال رسول الله : " ما تعلمين من عائشة ؟ " ، فقالت : ما أعلم عليها عيبا غير أنها تنام ، فتدخل الشاة ، فتأكل خميرتها وحصيرها ، فقال : " لست عن هذا أسألك " ، قالت : فعمه ، فلما فطنت ، قالت : سبحان الله ، وما أعلم من عائشة إلا كما يعلم الصائغ من التبر الأحمر ، فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : " أشيروا علي معشر المسلمين ، في قوم أبنوا أهلي ما علمت عليهم من سوء قط ، وأبنوهم بمن والله ما علمت عليه من سوء قط ، ولا تغيبت قط إلا وهو معي ، ولا دخل بيتي قط إلا وأنا شاهد " ، فقال سعد بن معاذ : أرى أن يضرب أعناقهم ، فقال رجل من الخزرج : كذبت والله أما والله لو كانوا من رهطك ما أمرت بقتلهم ، وكان حسان من [ ص: 107 ] الخزرج ، حتى كان بين الأوس والخزرج في المسجد كون ، وكان ممن يذيعه حسان بن ثابت ، ومسطح بن أثاثة ، وحمنة بنت جحش في آخرين ، وكان يتحدث به عند عبد الله بن أبي فيسمعه فيستوشيه ويذيعه ، قالت عائشة : فخرجت ذات ليلة مع أم مسطح لحاجتي ، فبينما نمشي إذ عثرت ، فقالت تعس مسطح ، فقلت : سبحان الله على من تسبين ابنك مسطحا وهو من المهاجرين الأولين وقد شهد بدرا ؟ ، ثم مشت ساعة فعثرت ، فقالت مثل ذلك ، فقلت لها مثل ذلك ، فقالت : والله ما أسبه إلا فيك ، قالت : قلت : وما شأني ؟ ، فأخبرتني بالأمر ، فذهبت حاجتي فرجعت ، فحممت ، فدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : " ما شأنك يا عائشة ؟ " ، قلت : حممة فائذن لي فآتي أبوي ، فأذن لي فذهبت ، فإذا أمي أسفل وأبي فوق البيت يصلي ، فقالت أمي : ما شأنك يا عائشة ؟ ، فقلت : أخبرتني أم مسطح بكذا وكذا ، فقالت : أما سمعت به إلا الآن ؟ ، فبكيت وبكت وسمع أبي البكاء ، فقال : ما شأن ابنتي ؟ ، فقالت أمي : سمعت بذلك الأمر الآن ، فقال : أي بنية ارجعي إلى بيتك حتى نغدو عليك غدا ، فجاء من الغد وعند النبي - صلى الله عليه وسلم - امرأة من الأنصار ، فلم يمنع النبي - صلى الله عليه وسلم - مكانها أن يكلم ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : " أما بعد يا عائشة ، فإن كنت أسأت وأخطأت فاستغفري الله وتوبي " ، فقلت لأبي : تكلم ، فقال : بم أتكلم ؟ ، قلت لأمي : تكلمي ، قالت : بم أتكلم ؟ ، فحمدت الله وأثنيت عليه ثم قلت : أما بعد ، فوالله لئن قلت لكم قد فعلت والله يعلم ما فعلت لتقولن قد أقرت وما فعلت ، ولئن قلت لم أفعل والله يعلم ما فعلت لتقولن كذبت ، ولا أجد لي ولكم مثلا إلا ما قال العبد الصالح فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون ، [ ص: 108 ] فنزل الوحي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فأسري عنه حتى رأيت السرور بين عينيه ، فقال : " يا عائشة أبشري أبشري فقد أنزل الله عذرك " ، وقرأ القرآن ، فقال أبواي : قومي فقبلي رأس رسول الله ، فقلت : أحمد الله لا إياكما ، وكان مسطح قريبا لأبي بكر وكان يتيما في حجره ، فحلف أن لا ينفق عليه ، فأنزل الله - عز وجل - ولا يأتل أولو الفضل منكم - حتى ختم الآية - ، وكان حسان إذا سب عندها قالت : لا تسبوه ، فإنه كان ينافح عن رسول الله ، وأي عذاب أعظم من ذهاب عينيه ، عذاب عظيم .

التالي السابق


الخدمات العلمية