صفحة جزء
( 957 ) حدثنا أبو عبيدة عبد الوارث بن إبراهيم العسكري ، ثنا سيف بن مسكين الإسواري ، ثنا أبو الأشهب جعفر بن حيان العطاردي ، عن عامر الشعبي ، عن فاطمة بنت قيس ، قالت : سمعت منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي : الصلاة جامعة ، فخرجت في نسوة من الأنصار [ ص: 387 ] حتى أتينا المسجد ، فصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الظهر ، ثم صعد المنبر ، فاستقبلنا بوجهه ضاحكا ، ثم قال : " إني والله ما جمعتكم لرغبة ولا لرهبة ، إلا لحديث حدثني به تميم الداري أتاني فأسلم ، وبايع وأخبرني أنه ركب في ثلاثين رجلا من لخم ، وجذام وهما حيان من أحياء العرب من أهل اليمن ، فصادفوا البحر حين اغتلم فلعب بهم الموج شهرا ، ثم قذفهم قريبا من غروب الشمس إلى جزيرة من جزائر البحر ، فإذا نحن بدابة أهلب لا يعرف قبلها من دبرها ، قلنا : ما أنت أيها الدابة ؟ فأذن الله فكلمتنا بلسان ذلق طلق ، فقالت : أنا الجساسة ، قلنا : وما الجساسة ؟ قالت : إليكم عني عليكم بذاك الدير في أقصى الجزيرة ، فإن فيه رجلا هو إلى خبركم بالأشواق ، قال : فأتينا الدير ، فإذا نحن برجل أعظم رجل رأيته قط ، وأحسنه جسما فإذا هو ممسوح العين اليمنى ، كأن عينه نخامة في جدار مجصص ، وإذ يداه مغلولتان إلى عنقه ، وإذ رجلاه مشدودتان بالكبول من ركبتيه إلى قدميه ، فقلنا له : ما أنت أيها الرجل ؟ فقال : أما خبري فقد قدرتم عليه ، ولكن أخبروني عن خبركم ما أوقعكم هذه الجزيرة ؟ وهذه الجزيرة لم يصل إليها آدمي مذ خرجت إليها ، فأخبرناه فقال : أخبروني عن بحيرة الطبرية ما فعلت ؟ قلنا : عن أي أمرها تسأل ؟ قال : هل نضب ماؤها ؟ وهل بدا فيها من العجائب ؟ قلنا : لا ، قال : أما إنه سيكون ثم سكت مليا ، ثم قال : أخبروني عن عين زغر ما فعلت ؟ قلنا : عن أي أمرها تسأل ؟ قال : هل يحترث عليها أهلها ؟ قلنا : نعم ، قال : أما إنه سيغور عنها ماؤها ، ثم سكت مليا ، فقال : أخبروني عن نخيل بيسان ما فعل ؟ قلنا له : عن أي أمرها تسأل ؟ قال : هل يثمر ؟ قلنا : نعم ، قال : أما [ ص: 388 ] أنه لا يثمر ، ثم سكت مليا فقال : أخبروني عن النبي الأمي ما فعل ؟ قلنا : عن أي أمره تسأل ؟ قال : هل ظهر بعد ؟ قلنا : نعم ، قال : فما صنعت معه العرب ؟ فقلنا له : منهم من قاتله ، ومنهم من صدقه ، قال : أما إنه من صدقه فهو خير له ، فقلنا : أخبرنا خبرك أيها الرجل ، فقال : أما تعرفونني ؟ قلنا : لو عرفناك ما سألناك ، قال : أنا الدجال ، يوشك أن يؤذن لي في الخروج ، فإذا خرجت وطأة جزائر العرب كلها غير مكة ، وطيبة كلما أردتهما استقبلني ملك بيده السيف مصلتا فردني عنهما ، قال أبو الأشهب : قال عامر : قالت فاطمة بنت قيس : فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رافعا يديه حتى رأينا بياض إبطيه ، ثم قال : " ألا أخبركم أن هذه طيبة " ثلاثا ، ثم قال : " ألا أخبركم أنه في بحر الشام " ثلاثا ، ثم أغمي عليه ساعة ثم استراح ثم سري عنه ، فقال : " بل هو في بحر العراق إن يخرج حين يخرج من بلدة يقال لها أصبهان ، من قرية من قراها ، يقال لها رستقاباد ويخرج من يخرج على مقدمته سبعون ألفا عليهم السيجان ، معه نهران نهر من ماء ونهر من نار فمن أدرك ذلك منكم فقيل له : ادخل الماء ، فلا يدخله فإنه نار ، وإذا قيل له : ادخل النار ، فليدخلها فإنه ماء " .

التالي السابق


الخدمات العلمية