صفحة جزء
[ ص: 214 ] إسلام عمرو بن عبسة السلمي - رضي الله عنه - ويكنى أبا نجيح .

11 - حدثنا محمد بن علي الصائغ المكي قال : ثنا يزيد بن عبد الله بن يزيد بن ميمون بن مهران قال : ثنا عكرمة بن عمار قال : حدثني شداد بن عبد الله الدمشقي قال : ثنا أبو أمامة الباهلي قال : قلت لعمرو بن عبسة : بأي شيء تدعى ربع الإسلام ؟ قال : إني كنت في الجاهلية أرى الناس على ضلالة ، لا أرى الأوثان شيئا ، ثم سمعت الرجال تخبر أخبارا بمكة وتحدث أحاديث ، فركبت راحلتي حتى قدمت مكة ، فإذا أنا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستخفيا ، وإذا قومه عليه جرآء ، فتلطفت له فدخلت عليه ، فقلت : ما أنت ؟ قال : " أنا نبي " ، قلت : وما نبي ؟ قال : " رسول الله " ، قلت : آلله أرسلك ؟ قال : " نعم " ، قلت : " بأي شيء أرسلت ؟ قال : " بتوحيد الله ، لا تشرك به شيئا ، وكسر الأوثان ، وصلة الرحم " ، قلت : فمن معك على هذا ؟ قال : " حر وعبد " وإذا معه أبو بكر بن أبي قحافة وعبد - بلال مولى أبي بكر - قلت : إني معك متبعك ، قال : " لا تستطيع ذلك يومك هذا ، ولكن ارجع إلى أهلك ، فإذا سمعت أني قد ظفرت فالحق بي " ، فرجعت إلى أهلي وقد أسلمت ، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مهاجرا إلى المدينة ، فجعلت أتخبر الأخبار حتى جاء ركب من يثرب ، فقلت : ما فعل هذا الرجل المكي الذي أتاكم ؟ قالوا : أراد قومه قتله فلم يستطيعوا ذلك ، وحيل بينهم وبينه ، فركب الناس إليه سراعا .

قال عمرو بن عبسة ، فركبت راحلتي حتى قدمت المدينة ، فدخلت عليه فقلت : يا رسول الله ، أتعرفني ؟ قال : " نعم ، ألست الذي أتيتني [ ص: 215 ] بمكة ؟ " قلت : بلى ، فعلمني ما علمك الله ، قال : "
فإذا صليت الصبح فأقصر عن الصلاة حتى تطلع الشمس ، فإذا طلعت فلا تصل حتى ترتفع ؛ فإنها تطلع بين قرني شيطان ، وحينئذ يسجد لها الكفار ، فإذا ارتفعت قيد رمح فصل ، فإن الصلاة مشهودة لحضوره ، حتى يستقل الرمح بالظل ، ثم أقصر عن الصلاة ، فإنها حينئذ تسعر جهنم ، فإذا فاء الفيء فصل ، فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى تصلي العصر ، فإذا صليت العصر فأقصر عن الصلاة حتى تغرب الشمس ؛ فإنها تغرب بين قرني شيطان ، وحينئذ يسجد لها الكفار " .

قال : فقلت : يا نبي الله ، أخبرني عن الوضوء ، قال : " ما منكم رجل يقرب من وضوئه ثم يمضمض ويستنشق إلا خرجت خطاياه من فمه وخياشيمه مع الماء حين يستنثر ، ثم يغسل وجهه كما أمره الله - عز وجل - إلا خرجت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء ، ثم يغسل يديه إلى المرفقين كما أمره الله - عز وجل - إلا خرجت خطايا يديه من أطراف أنامله مع الماء ، ثم يمسح رأسه كما أمره الله - عز وجل - إلا خرجت خطايا رأسه من أطراف شعره مع الماء ، ثم يغسل قدميه إلى الكعبين كما أمره الله - عز وجل - إلا خرجت خطايا قدميه من أطراف أصابعه مع الماء ، ثم يقوم فيحمد الله ويثني عليه بالذي هو له أهل ، ثم يركع ركعتين إلا انصرف من ذنوبه كهيئة يوم ولدته أمه
" .

قال أبو أمامة : يا عمرو بن عبسة ، انظر ما تقول ، سمعت هذا كله من رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ؟ أيعطى الرجل هذا كله في مقامه ؟ فقال عمرو بن عبسة : يا أبا أمامة ، كبرت سني ، ورق عظمي ، واقترب أجلي ، [ ص: 216 ] وما بي من حاجة أن أكذب على الله - عز وجل - وعلى رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، لو لم أسمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا مرة أو مرتين أو ثلاثا ، لقد سمعت منه سبع مرات أو أكثر من ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية