صفحة جزء
إسلام قيس بن عاصم المنقري رضي الله عنه

19 - حدثنا محمد بن عبدوس بن كامل السراج قال : ثنا علي بن الجعد ، [ ص: 224 ] قال : ثنا محمد بن يزيد الواسطي قال : ثنا زياد الجصاص ، عن الحسن قال : حدثني قيس بن عاصم المنقري قال : قدمت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فلما رآني سمعته يقول : " هذا سيد أهل الوبر " قال : فلما نزلت أتيته فجعلت أخدمه ، قال : قلت : يا نبي الله ، المال الذي لا يكون علي فيه تبعة من حيف أصابني وعيال كثروا ، قال : " نعم المال أربعون ، والأكثر ستون ، وويل لأصحاب المائتين ، إلا من أعطى في رسلها ونجدتها ، وأفقر ظهرها ، ونحر سمينها ، فأطعم القانع والمعتر " ، قال : قلت : يا نبي الله ، ما أكرم هذه الأخلاق وأحسنها ، يا نبي الله ، لا يحل بالوادي الذي أنا فيه لكثرة إبلي ، قال : " فكيف تصنع ؟ " قال : يغدو الإبل ويغدو الناس ، فمن شاء أخذ برأس بعير فذهب به ، قال : " فما تصنع بأفقار الظهر ؟ " قلت : إني لا أفقر الصغير ، ولا ألتاب المدبر الكبير ، قال : " فمالك أحب إليك أم مال مواليك ؟ " قلت : مالي أحب إلي من مال موالي ، قال : " فإن لك من مالك ما أكلت فأفنيت ، أو لبست فأبليت ، أو أعطيت فأمضيت ، وإلا فلمواليك ، قال : فقلت : والله لئن بقيت لأفنين عددها .

قال الحسن : ففعل والله ، فلما حضرت قيسا الوفاة قال : يا بني ، خذوا عني ، لا أحد أنصح لكم مني ، إذا أنا مت فسودوا كباركم ، ولا تسودوا صغاركم فيستسفهكم الناس ، فهونوا عليكم ، وعليكم باستصلاح المال ؛ فإنه منبهة الكريم ، ويستغنى به عن اللئيم ، وإياكم والمسألة ؛ فإنها آخر كسب [ ص: 225 ] المرء ، إن أحدا لم يسأل إلا ترك كسبه ، وإذا مت فلا تنوحوا علي ، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن النياحة ، وكفنوني في ثيابي التي كنت أصلي فيها وأصوم ، وإذا دفنتموني فلا تدفنوني في موضع يطلع علي فيه أحد ، فإنه قد كان بيني وبين بكر بن وائل خماشات في الجاهلية ، فإني أخاف أن ينبشوني فيصنعون من ذلك ما يذهب فيه دينكم ودنياكم . قال الحسن : نصح لهم في الحياة ، ونصح لهم في الممات .

التالي السابق


الخدمات العلمية