صفحة جزء
حديث أبي أمامة الباهلي - رضي الله عنه - في خروج الدجال

48 - حدثنا بكر بن سهل ، ثنا نعيم بن حماد المروزي قال : حدثنا ضمرة بن ربيعة ، عن يحيى بن أبي عمرو السيباني ، عن عمرو بن عبد الله الحضرمي ، عن أبي أمامة الباهلي قال : خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وكان أكثر خطبته ذكر الدجال ويحذرنا ويحدثنا عنه حتى فرغ من خطبته فكان فيما قال لنا يومئذ : " إن الله - عز وجل - لم يبعث نبيا إلا حذره أمته ، فإني آخر الأنبياء وأنتم آخر الأمم ، وهو خارج فيكم لا محالة ، فإن يخرج وأنا بين أظهركم فأنا حجيج كل مسلم ، وإن يخرج فيكم بعدي فكل امرئ حجيج نفسه ، والله خليفتي على كل مسلم ، إنه يخرج من خلة بين العراق والشام ، عاث يمينا وعاث شمالا ، يا عباد الله اثبتوا ، فإنه يبدأ فيقول : أنا نبي ولا نبي بعدي ، وإنه مكتوب بين عينيه كافر ، يقرؤه كل مؤمن ، فمن لقيه منكم فليتفل في وجهه ، وليقرأ بفواتح سورة أصحاب الكهف ، وإنه يسلط على نفس من بني آدم فيقتلها ثم يحييها ، وإنه لا يعدو ذلك ، ولا يسلط على نفس غيرها ، وإن من فتنته أن معه جنة ونارا ، فناره جنة وجنته نار ، فمن ابتلي بناره فليغمض عينيه وليستغث بالله يكون بردا [ ص: 296 ] وسلاما كما كانت النار بردا وسلاما على إبراهيم ، وإن أيامه أربعون يوما ، فيوم كسنة ، ويوم كشهر ، ويوم كجمعة ، ويوم كالأيام ، وآخر أيامه كالسراب ، يصبح الدجال عند باب المدينة فيمشي قبل أن يبلغ بابها الآخر " ، قالوا : فكيف نصلي يا نبي الله في تلك الأيام الطوال ؟ قال : " تقدرون فيها كما تقدرون في الأيام الطوال ، لا يبقى من الأرض شيء إلا وطأه وغلب عليه إلا مكة والمدينة ، فإنه لا يأتيهما من بيت من أبياتهما إلا لقيه ملك مصلتا سيفه حتى ينزل عند الظريب الأحمر عند منقطع السبخة عند مجتمع السيول ، فترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات لا يبقى منافق ولا منافقة إلا خرج إليه ، فتنفي المدينة يومئذ الخبث منها كما ينفي الكير خبث الحديد ، ذلك اليوم الذي يدعى يوم الخلاص " .

فقالت أم شريك : فأين المسلمون يومئذ ؟ قال : " هم يومئذ قليل ، وجلهم ببيت المقدس ، يخرج فيحاصرهم وإمام الناس يومئذ رجل صالح ، فيقال : صل الصبح ، فإذا كبر ودخل فيها نزل عيسى ابن مريم - صلوات الله عليه وسلامه - ، فإذا رآه ذلك الرجل عرفه فرجع يمشي القهقرى ، فيتقدم عيسى - عليه السلام - يضع يديه بين كتفيه ثم يقول : صل ، فإنما أقيمت لك ، فيصلي عيسى - عليه السلام - وراءه ، ثم يقول : افتحوا الباب ، فيفتحون الأبواب ، ومع الدجال يومئذ سبعون ألف يهودي ، كلهم ذو تاج وسيف محلى ، فإذا نظر إلى عيسى - عليه السلام - ذاب كما يذوب الرصاص وكما يذوب الملح في الماء ، ثم يخرج هاربا فيقول عيسى عليه السلام : إن لي فيك ضربة لن تفوتني بها ، فيدركه فيقتله ، فلا يبقى شيء مما خلق - عز وجل - يتوارى به يهودي إلا أنطقه الله - عز وجل - ، لا حجر ولا شجر ولا دابة إلا قال : يا عبد الله المسلم ، هذا اليهودي فاقتله ، إلا الغرقد ؛ فإنها من شجرهم فلا ينطق ، ويكون [ ص: 297 ] عيسى في أمتي حكما عدلا ، وإماما مقسطا ، يدق الصليب ، ويقتل الخنزير ، ويضع الجزية ، ويترك الصدقة ، فلا يسعى على شاة ولا بعير ، فيرفع الشحناء والتباغض ، وتنزع حمة كل دابة ذي حمة حتى يدخل الوليد يده في الحنش فلا يضره ، وتضر الوليدة الأسد فلا يضرها ، ويكون في الإبل ككلبها ، والذئب في الغنم كأنها كلبها ، ويملأ الأرض من السلام ، ويسلب لكفارهم ملكهم ، فلا يكون ملك إلا أسلم ، وتكون الأرض كفاثور الفضة ، فينبت نباتها كما كانت على عهد آدم - صلوات الله عليه - ، ويجتمع النفر على القطف من العنب فيشبعهم ، ويجتمع النفر على الرمانة فتشبعهم ، ويكون الثور بكذا وكذا من المال ، ويكون الفرس بالدريهمات
" .

التالي السابق


الخدمات العلمية