صفحة جزء
2947 - حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ، ثنا محمد بن عبد الله بن [ ص: 147 ] نمير ، ثنا عبد الله بن إدريس ، ثنا محمد بن إسحاق ، عن عبد الله بن الفضل ، عن سليمان بن يسار ، عن حفص بن عمرو بن أمية الضمري ، قال : خرجت أنا وعبيد الله بن عدي بن الخيار ، فأدربنا - يعني درب الروم - ثم مررنا بحمص وبها وحشي ، فقلت : لو أتيناه فسألناه عن قتله حمزة رحمه الله كيف قتله ؟ فأقبلنا نحوه ، فلقينا رجل ونحن نسأل عنه ، فقال : إنه رجل قد غلبت عليه هذا الخمر ، فإن تجداه صاحيا تجداه رجلا عربيا ، يحدثكما ما شئتما من حديث ، وإن تجداه على غير ذلك فانصرفا عنه . فأتيناه فوجدناه بفنائه ، فنظر إلى عبيد الله بن عدي ، فقال : ابن عدي بن الخيار ؟ قال : نعم . قال : ما رأيتك منذ ناولتنيك أمك السعدية بعرضتك ، وما هو إلا أن لمعت لي قدماك فعرفتك . قال : قلت له : إنا جئناك لتخبرنا عن قتلك حمزة كيف قتلته ؟ قال : كنت عبدا لجبير بن مطعم ، وكان عمه طعيمة بن عدي قتل يوم بدر ، فقال : إن قتلت عم محمد بعمي فأنت حر . فخرجت يوم أحد في الناس مع حربتي ، وإنما همي أن أعتق ، فجعلت حمزة من شأني ، فعمدت له ، وتقدمني إليه سباع بن عبد العزى . قال : وصدرت عنه وهو يهد الناس بسيفه هدا ، كأنه جمل أورق ، فلما تقدمني إليه سباع ، قال حمزة : هلم يا ابن مقطعة البظور . قال : فدنا إليه فضربه ، فكأنما أخطأه ، واستترت بشيء ، هززت حربتي حتى إذا رضيت منها دفعتها ، فوقعت في ثنته . قال : وذهب لينوء فغلب ، واعتزلت ورجعت في الناس إلى مكة ، وعتقت ، فلما فتح النبي صلى الله عليه وسلم مكة خرجت إلى الطائف ، فأقمت بها ، فلما أجمع أهل الطائف على مصالحة النبي صلى الله عليه وسلم تعيت علي المذاهب ، فجعلت أتذكر أين أذهب ؟ فبينا أنا في همي إذ عرض لي رجل ، فقال : مالي أراك هكذا ؟ قلت : هذا الرجل قد بلغت من عمه ، وقد أرى هؤلاء القوم قد أجمعوا على مصالحته ، فما أدري أين أذهب ؟ قال : فوالله ما يقتل أحدا [ ص: 148 ] أتاه وشهد شهادته . فخرجت كما أنا ، فوالله ما شعرت حتى قمت على رأسه بالمدينة ، فرفع رأسه ، فنظر إلي ، فقال : " وحشي ؟ " قلت : وحشي ، وشهدت بشهادته ، فقال : " ويحك ، أخبرني عن قتلك حمزة ، كيف قتلته ؟ " فأخبرته والله كما أخبرتكما ، فقال : " ويحك ، غيب عني وجهك " . فكنت أتجنبه حتى قبضه الله تعالى ، فلما بعث أبو بكر رضي الله عنه الجيش إلى اليمامة خرجت مع الناس ، فجعلت مسيلمة من شأني ، فحملت عليه أنا ورجل من الأنصار ومعي حربتي التي قتلت بها حمزة . قال : فقذفته بالحربة ، وحمل عليه الأنصاري ، فربك أعلم أينا قتله ، فإن أك قتلته فقد قتلت خير الناس وشر الناس .

التالي السابق


الخدمات العلمية