صفحة جزء
6073 - حدثنا أحمد بن القاسم بن مساور الجوهري ، ثنا سعيد بن سلمان الواسطي ، ثنا عبد الله بن عبد القدوس ، ثنا عبيد المكتب ، حدثني أبو الطفيل ، حدثني سلمان الفارسي قال : كنت رجلا من أهل جي ، وكان أهل قريتي يعبدون الخيل البلق ، وكنت أعرف أنهم ليسوا على شيء ، فقيل [ ص: 229 ] لي : إن الدين الذي تطلب ، إنما هو بالمغرب ، فخرجت حتى أتيت الموصل ، فسألت عن أفضل رجل فيها ، فدللت على رجل في صومعة ، فأتيته فقلت له : إني رجل من أهل جي ، وإني جئت أطلب العلم وأتعلم ، فضمني إليك أخدمك وأصحبك ، وتعلمني مما علمك الله ؟ فقال : نعم ، فصحبته ، فأجرى علي مثل ما كان يجري عليه الخل والزيت والحبوب ، فلم أزل معه حتى نزل به الموت ، فجلست عند رأسه أبكيه ، فقال : ما يبكيك ؟ قلت : يبكيني أني خرجت من بلاد أطلب الخير ، فرزقني الله عز وجل فصحبتك فعلمتني ، وأحسنت صحبتي ، فنزل بك الموت ، ولا أدري أين أذهب ، قال لي : أخ بالجزيرة بمكان كذا وكذا ، فهو على الحق فائته ، فأقرئه مني السلام ، وأخبره أني أوصيت إليه وأوصيتك بصحبته ، قال : فلما أن قبض الرجل خرجت حتى أتيت الرجل الذي وصف لي ، فأخبرته بالخبر ، وأقرأته السلام من صاحبه ، وأخبرته أنه هلك وأمرني بصحبته ، قال : فلما أن قبض الرجل خرجت حتى أتيت الرجل الذي وصف لي ، فأخبرته وأوفيته السلام من صاحبه ، أنه هلك وأمرني بصحبته ، قال : فضمني إليه ، وأجرى علي كما كان يجرى علي مع الآخر ، فصحبته ما شاء الله ، ثم نزل به الموت ، فلما أن نزل به الموت جلست عند رأسه أبكي ، فقال لي : ما يبكيك ؟ قلت : خرجت من بلادي أطلب الخير ، فرزقني الله عز وجل صحبة فلان ، فأحسن صحبتي وعلمني ، فلما نزل به الموت أوصى بي إليك فضممتني ، وأحسنت صحبتي ، وعلمتني ، وقد نزل بك الموت ، فلا أدري أين أتوجه ؟ قال : فائت أخا لي على قرب الروم ، فهو على الحق فائته ، واقرئه مني السلام واصحبه ، فإنه على الحق ، فلما قبض الرجل خرجت حتى أتيته ، فأخبرته بخبري ، وبوصية الآخر قبله ، قال : فضمني إليه ، وأجرى علي كما يجرى علي ، فلما نزل به الموت ، جلست أبكي عند رأسه ، فقال لي : ما يبكيك ؟ فقصصت قصتي ، قلت له : إن الله رزقني صحبتك ، وأحسنت صحبتي ، وقد نزل بك الموت ، فلا أدري أين [ ص: 230 ] أتوجه ؟ قال : لا أين ، ما بقي أحد أعلمه على دين عيسى في الأرض ، ولكن هذا أوان يخرج فيه نبي ، أو قد خرج بتهامة فأنت على الطريق لا يمر بك أحد إلا سألته عنه ، وإذا بلغك أنه خرج فائته ، فإنه النبي الذي بشر به عيسى عليه السلام ، وآية ذلك أن بين كتفيه خاتم النبوة ، وأنه يأكل الهدية ، ولا يأكل الصدقة ، قال : فكان لا يمر بي أحد إلا سألته عنه ، فمر بي ناس من أهل مكة فسألتهم ، فقالوا : نعم قد ظهر فينا رجل يزعم أنه نبي ، فقلت لبعضهم : هل لكم إلى أن أكون عبدا لبعضكم على أن تحملوني عقبة ، وتطعموني من الكسر ، فإذا بلغتم إلى بلادكم ، فإن شاء أن يبيع باع ، وإن شاء أن يستعبد استعبد ، فقال الرجل منهم : أنا ، فصرت عبدا له حتى قدم بي مكة ، فجعلني في بستان له مع حبشان كانوا فيه ، فخرجت وسألت ، فلقيت امرأة من أهل بلادي فسألتها ، فإذا أهل بيتها قد أسلموا ، وقالت لي : إن النبي صلى الله عليه وسلم في الحجر هو وأصحابه إذا صاح عصفور بمكة ، حتى إذا أضاء لهم الفجر تفرقوا ، فانطلقت إلى البستان فكنت أختلف ليلتي ، فقال لي الحبشان : ما لك ؟ فقلت : أشتكي بطني ، قال : وإنما صنعت ذلك لئلا يفقدوني إذا ذهبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : فلما كانت الساعة التي أخبرتني المرأة التي يجلس فيها هو وأصحابه ، خرجت أمشي حتى رأيت النبي صلى الله عليه وسلم ، فإذا هو محتب وأصحابه حوله ، فأتيته من ورائه ، فعرف نبي الله صلى الله عليه وسلم الذي أريد ، فأرسل حبوته ، فنظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه ، فقلت : الله أكبر ، هذه واحدة ، ثم انصرف ، فلما كان الليلة المقبلة لقطت تمرا جيدا ، ثم انطلقت حتى أتيت به النبي صلى الله عليه وسلم ، فوضعته بين يديه فقال : " ما هذا ؟ " قلت هو هدية ، فأكل منها ، وقال للقوم : " كلوا " ، قال : قلت : أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ، فسألني عن أمري ، فأخبرته ، فقال : " اذهب فاشتر نفسك " ، فانطلقت إلى صاحبي ، فقلت : بعني نفسي ؟ قال : نعم ، على أن تنبت لي مائة نخلة ، فإذا أنبتت جئني بوزن نواة من ذهب ، فأتيت رسول الله [ ص: 231 ] صلى الله عليه وسلم ، فأخبرته ، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اشتر نفسك بالذي سألك وائتني بدلو من ماء البئر الذي كنت تسقي منها ذلك النخل " ، قال : فدعا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها ، ثم سقيتها فوالله لقد غرست مائة نخلة ، فما غادرت منها نخلة ، إلا نبتت ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخبرته أن النخل قد نبتن ، فأعطاني قطعة من ذهب ، فانطلقت بها فوضعتها في كفة الميزان ، ووضع في الجانب الآخر نواة ، فوالله ما استقلت القطعة الذهب من الأرض ، قال : وجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعتقني .

التالي السابق


الخدمات العلمية