صفحة جزء
[ ص: 237 ] أبو رجاء العطاردي عن سمرة بن جندب

6984 - حدثنا محمد بن العباس المؤدب ، ثنا هوذة بن خليفة ، ثنا عوف ، عن أبي رجاء العطاردي ، ثنا سمرة بن جندب ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيما يقول لأصحابه : " هل رأى أحد منكم رؤيا ؟ " قال : فنقص عليه ما شاء الله أن نقص ، قال : فقال ذات غداة : " إنه أتاني الليلة اثنان ، أو آتيان فابتعثاني ، وقالا لي : انطلق ، فانطلقت معهما ، وإنا أتينا على رجل مضطجع ، فإذا آخر قائم عليه بصخرة ، وإذا هو يهوي بالصخرة لرأسه ، فيثلغ رأسه فيتدهده الحجر فيذهب ههنا ، فيتبعه فيأخذه ، فلا يرجع إليه ، حتى يصح رأسه كما كان ، ثم يعود عليه فيفعل مثل فعل المرة الأولى ، قلت لهما : سبحان الله ، ما هذا ؟ قالا لي : انطلق ، فانطلقنا ، فأتينا على رجل مستلق لقفاه ، وإذا آخر قائم بكلوب من حديد ، وإذا هو يأتي إحدى شقي وجهه ، فيشرشر شدقه إلى قفاه ، ثم يتحول إلى الجانب الآخر ، فيفعل به مثل ذلك ، فما يفرغ منه حتى يصح ذلك الجانب كما كان ، ثم يعود إليه ، فيفعل به كما فعل المرة الأولى ، قال : قلت لهما : سبحان الله ، ما هذان ؟ قالا لي : انطلق ، فانطلقنا ، فأتينا على بناء مثل التنور - قال : فأحسب أنه قال - فسمعنا لغطا وأصواتا - قال - فاطلعنا فيه ، فإذا فيه رجال ونساء عراة ، وإذا هو يأتيهم لهب من أسفل منهم ، فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا قلت لهما : سبحان الله ، ما هؤلاء ؟ قالا لي : انطلق - قال : فانطلقنا فأتينا على نهر - حسبت أنه قال : - أحمر مثل الدم ، وإذا في النهر [ ص: 238 ] رجل يسبح ، وإذا على شاطئ النهر رجل قد جمع عنده حجارة ، وإذا ذلك السابح يسبح ما يسبح ، ثم يأتي ذلك الذي قد جمع عنده حجارة فيفغر له فاه فيلقمه حجرا ، فيذهب فيسبح ما يسبح ، ثم يرجع ، ، كلما رجع فغر له فاه فألقمه حجرا ، قلت لهما : ما هذا ؟ قالا لي : انطلق ، فانطلقنا ، فأتينا على رجل كريه المرآة ، كأكره ما أنت راء رجلا مرآة ، وإذا نار يحشها ويسعى حولها - قال - قلت لهما : ما هذا ؟ قالا لي : انطلق ، انطلق ، فانطلقنا ، فأتينا روضة معشبة فيها من كل الربيع ، وإذا بين ظهراني الروضة رجل طويل ، لا أكاد أن أرى رأسه طولا في السماء ، وإذا حول الرجل من أكثر ولدان رأيتهم قط ، وأحسنهم - قال - قلت لهما : سبحان الله ، ما هذا ؟ وما هؤلاء ؟ قالا لي : انطلق ، فانتهينا إلى دوحة عظيمة لم أر دوحة قط أعظم منها ، ولا أحسن - قال - قالا لي : ارق فيها ، فارتقينا ، فانتهينا إلى مدينة مبنية بلبن ذهب ، ولبن فضة ، فأتينا باب المدينة ، فاستفتحناها ، ففتح لنا ، فدخلناها ، فتلقانا فيها رجال شطر من خلقهم كأحسن ما أنت راء ، وشطر كأقبح ما أنت راء رجلا - قال - فقالا : اذهبوا فقعوا في ذلك النهر ، وإذا نهر معترض يجري كأن ماءه المحض بالبياض - قال : فذهبوا فوقعوا فيه ، ثم رجعوا إلينا وقد ذهب عنهم السوء ، وصاروا في أحسن صورة - قال : قالا لي : هذه جنة عدن ، وها هو ذاك منزلك ، فسما بصري مصعدا - قال - فإذا قصر مثل الربابة البيضاء - قال : قالا : هو ذاك منزلك ، فقلت لهما : بارك الله فيكما ، خلياني ، ذراني أدخله ، قالا لي : أما الآن ، فلا ، وأنت داخله - قال - قلت لهما : إني قد رأيت منذ الليلة عجبا ، فما هذا الذي رأيت ؟ - قال - قالا لي : أما إنا سنخبرك : أما الرجل الأول الذي أتيت عليه يثلغ رأسه بالحجر فإنه رجل يأخذ القرآن ، وينام عن الصلاة المكتوبة ، وأما الرجل الذي أتيت عليه يشرشر شدقه وعينه ومنخراه إلى قفاه ، فإنه الرجل يغدو من بيته ، فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق ، وأما الرجال والنساء العراة الذين في مثل بناء التنور ، فإنهم الزناة والزواني ، وأما الرجل الذي يسبح في النهر ، [ ص: 239 ] ويلقم الحجارة ، فإنه آكل الربا ، وأما الرجل الذي عنده الكريه المرآة فإنه مالك خازن جهنم ، وأما الرجل الذي في الروضة فإنه إبراهيم صلى الله عليه وسلم ، وأما الولدان الذين حوله فكل مولود على الفطرة " قال : وقال بعض المسلمين : يا رسول الله ، وأولاد المشركين ؟ قال : " وأولاد المشركين ، وأما القوم الذين كانوا شطرا منهم حسنا وشطرا منهم قبيحا ، فإنهم قوم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا فتجاوز الله عنهم " .

التالي السابق


الخدمات العلمية