صفحة جزء
4063 ـ حدثنا علي بن سعيد الرازي قال : حدثنا إسحاق بن موسى الأنصاري قال : حدثنا سعيد بن خثيم قال : حدثنا ابن شبرمة قال : حدثنا أبو الخليل ، عن أبي الصايفة ، عن جندب [ ص: 38 ] قال : لما فارقت الخوارج عليا ، خرج في طلبهم ، وخرجنا معه ، فانتهينا إلى عسكر القوم ، فإذا لهم دوي كدوي النحل من قراءة القرآن ، وفيهم أصحاب الثفنات ، وأصحاب البرانس ، فلما رأيتهم دخلني من ذلك شك ، فتنحيت فركزت رمحي ، ونزلت عن فرسي ، ووضعت ترسي ، فنثرت عليه درعي ، وأخذت بمقود فرسي ، فقمت أصلي إلى رمحي ، وأنا أقول في صلاتي : اللهم إن كان قتال هؤلاء القوم لك طاعة فائذن فيه ، وإن كان معصية فأرني براءتك قال : فأنا كذلك ، إذ أقبل علي على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما حاذاني قال : تعوذ بالله يا جندب من الشك ، فجئت أسعى إليه ، ونزل فقام يصلي ، إذ أقبل رجل على برذون يقرب به ، فقال : يا أمير المؤمنين قال : " ما تشاء ؟ " قال : ألك حاجة في القوم ؟ قال : " وما ذاك ؟ " قال : قد قطعوا النهر ، فذهبوا قال : " ما قطعوه ؟ " قلت : سبحان الله ، ثم جاء آخر أرفع منه في الجري ، فقال : يا أمير المؤمنين قال : " ما تشاء ؟ " قال : ألك حاجة في القوم ؟ قال : " وما ذاك ؟ " قال : قد قطعوا النهر ، فذهبوا قلت : الله أكبر ، فقال علي : " ما قطعوه " ثم جاء آخر يستحضر بفرسه ، فقال : يا أمير المؤمنين قال : " ما تشاء ؟ " قال : " ألك حاجة في القوم ؟ " قال : " وما ذاك ؟ " قال : قد قطعوا النهر ، فقال علي : " ما قطعوه ، ولا يقطعوه ، وليقتلن دونه ، [ ص: 39 ] عهد من الله ورسوله " قلت : الله أكبر ، ثم قمت ، فأمسكت له بالركاب ، فركب فرسه ، ثم رجعت إلى درعي ، فلبستها وإلى فرسي ، فعلوته ، ثم وضعت رجلي في الركاب ، وخرجت أسايره ، فقال لي : " يا جندب " قلت : لبيك يا أمير المؤمنين قال : " أما أنا فأبعث إليهم رجلا يقرأ المصحف ، يدعو إلى كتاب ربهم ، وسنة نبيهم ، فلا يقبل علينا بوجهه حتى يرشقوه بالنبل ، يا جندب ، أما إنه لا يقتل منا عشرة ، ولا ينجو منهم عشرة " فانتهينا إلى القوم ، وهم في معسكرهم الذي كانوا فيه لم يبرحوا ، فنادى علي في أصحابه فصفهم ، ثم أتى الصف من رأسه ذا إلى رأسه ذا مرتين ، وهو يقول : " من يأخذ هذا المصحف ، فيمشي به إلى هؤلاء ، فيدعوهم إلى كتاب ربهم ، وسنة نبيهم ، وهو مقتول ، وله الجنة ؟ " فلم يجبه إلا شاب من بني عامر بن صعصعة ، فلما رأى علي حداثة سنه ، قال له : " ارجع إلى موقفك " ، ثم نادى الثانية ، فلم يخرج إليه إلا ذلك الشاب ثم نادي الثالثة ، فلم يخرج إليه إلا ذلك الشاب ، فقال له علي : " خذ فأخذ المصحف " ، فقال : " أما إنك مقتول ، ولست تقبل علينا بوجهك حتى يرشقوك بالنبل " ، فخرج الشاب يمشي بالمصحف إلى القوم ، فلما دنا منهم حيث سمعوا ، قاموا ، ونشبوا القتال قبل أن يرجع قال : فرماه إنسان بالنبل ، فأقبل علينا بوجهه ، فقعد ، فقال علي : " دونكم القوم " قال جندب : " فقتلت بكفي هذه بعد ما دخلني ما كان دخلني ثمانية ، قبل أن أصلي الظهر ، وما قتل منا عشرة ولا نجا منهم عشرة كما قال " .

[ ص: 40 ] لم يرو هذا الحديث عن ابن شبرمة إلا سعيد بن خثيم ، تفرد به : إسحاق بن موسى الأنصاري " .

التالي السابق


الخدمات العلمية