صفحة جزء
469 حدثنا أحمد بن خليد قال : حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع قال : حدثنا معاوية بن سلام ، عن زيد بن سلام ، أنه سمع أبا سلام ، يقول : حدثني عبد الله الهوزني .

أنه لقي بلالا مؤذن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يتسوك بحلب قال : فقلت : يا بلال ، حدثني كيف كان مهنة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ؟ فقال : ما كان له شيء ، كنت أنا الذي ألي ذلك منه منذ بعثه الله حتى توفي ـ صلى الله عليه وسلم ـ . وكان إذا أتاه الإنسان المسلم فرآه عاريا ، يأمرني به ، فأنطلق ، وأستقرض فأشتري البردة ، فأكسوه ، وأطعمه ، حتى اعترضني رجل من المشركين ، فقال لي : يا بلال ، إن عندي سعة ، فلا تستقرض من أحد إلا مني ، ففعلت ، فلما كان ذات يوم توضأت ، ثم قمت لأؤذن للصلاة ، فإذا المشرك قد أقبل في [ ص: 288 ] عصابة من التجار . فلما رآني قال : يا حبشي ، قلت : لبيك . فتجهمني ، وقال قولا غليظا ، فقال : أتدري كم بينك وبين الشهر ؟ قلت : قريب . قال : إنما بينك وبينه أربع ، فآخذك بالذي لي عليك ، فإني لم أعطك الذي أعطيتك من كرامتك ، ولا كرامة صاحبك علي ، ولكني إنما أعطيتك لآخذك عبدا ، فأردك ترعى لي الغنم ، كما كنت ترعى قبل ذلك . فأخذ في نفسي ما يأخذ في أنفس الناس . فانطلقت ، ثم أذنت بالصلاة ، حتى إذا صليت العتمة ، رجع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى أهله . فاستأذنت عليه ، فأذن لي . فقلت : يا رسول الله إن المشرك الذي كنت ادنت منه قال لي : كذا وكذا ، وليس عندك ما تقضي ، وليس عندي ، وهو فاضحي ، فأذن لي أن آتي إلى بعض هؤلاء الأحياء الذين قد أسلموا حتى يرزق الله رسوله ما يقضي عنه . فخرجت حتى أتيت منزلي ، فجعلت سيفي وجرابي ونعلي عند رأسي ، واستقبلت بوجهي الأفق . فلما نمت ساعة انتبهت ، فإذا رأيت علي ليلا نمت ، حتى انشق عمود الصبح الأول . فأردت أن أنطلق ، فإذا إنسان يسعى يدعو : يا بلال أجب رسول الله . فانطلقت حتى أتيته ، فإذا أربع ركائب مناخات ، عليهن أحمالهن ، فأتيت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فاستأذنت ، فقال لي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " أبشر ، فقد جاءك الله بقضائك " . فحمدت الله . فقال : " ألم تمر على الركائب المناخات الأربع ؟ " قلت : بلى . فقال : " إن لك رقابهن وما عليهن ، فإن عليهن كسوة ، وطعاما أهداه إلي عظيم فدك ، [ ص: 289 ] فاقبضهن ، ثم اقض دينك " . ففعلت ، فحططت عنهن أحمالهن ، ثم علفتهن ، ثم قمت إلى . . . . صلاة الصبح . حتى إذا صلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، خرجت إلى البقيع ، فجعلت إصبعي في أذني ، فناديت : من كان يطلب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بدين فليحضر . فما زلت أبيع وأقضي ، حتى لم يبق على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ دين في الأرض ، حتى فضل في يدي أوقيتان ، أو أوقية ونصف . ثم انطلقت إلى المسجد وقد ذهب عامة النهار ، وإذا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قاعد في المسجد وحده فسلمت عليه ، فقال لي : " ما فعل ما قبلك ؟ " فقلت : قد قضى الله كل شيء كان على رسوله ، فلم يبق شيء ، فقال : " أفضل شيء ؟ " ، فقلت : نعم ، فقال : " انظر أن تريحني منها ، فإني لست بداخل على أحد من أهلي حتى تريحني منه " . فلم يأتنا أحد حتى أمسينا ، فلما صلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ العتمة دعاني فقال : " ما فعل ما قبلك ؟ " قلت : هو معي لم يأتنا أحد ، فبات في المسجد حتى أصبح ، وصلى اليوم الثاني حتى كان في آخر النهار جاءه راكبان ، فانطلقت بهما فأطعمتهما ، وكسوتهما ، حتى إذا صلى العتمة دعاني فقال : " ما فعل الذي قبلك ؟ " فقلت : قد أراحك الله منه يا رسول الله ، فكبر ، وحمد الله شفقا من أن يدركه الموت وعنده ذلك . ثم اتبعته حتى جاء أزواجه ، فسلم على امرأة امرأة ، حتى أتى مبيته ، فهذا الذي سألتني عنه [ ص: 290 ] ، ـ صلى الله عليه وسلم ـ .

لا يروى هذا الحديث عن بلال إلا بهذا الإسناد ، تفرد به : معاوية بن سلام .

التالي السابق


الخدمات العلمية