صفحة جزء
4856 ـ حدثنا عبد الوارث بن إبراهيم قال : حدثنا سيف [ ص: 437 ] ابن مسكين الأسواري قال : حدثنا أبو الأشهب جعفر بن حيان ، عن عامر الشعبي ، عن فاطمة بنت قيس ، قالت : سمعت منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي : الصلاة جامعة ، فخرجت في نسوة من الأنصار حتى أتينا المسجد ، فصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الظهر ، ثم صعد المنبر ، فاستقبلنا بوجهه ضاحكا ، ثم قال : " إني والله ما جمعتكم لرغبة حديث ولا لرهبة ، إلا لحديث حدثني تميم الداري ، أتاني فأسلم وبايع ، فأخبرني أنه ركب في ثلاثين رجلا من لخم وجذام ـ وهما حيان من أحياء العرب من أهل اليمن ـ فصادفوا البحر حين اغتلم ، فلعب بهم الموج شهرا ، ثم قذفهم قريبا من غروب الشمس إلى جزيرة من جزائر البحر ، قال : فإذا نحن بدابة أهلب ، لا نعرف قبلها من دبرها ، قلنا : من أنت أيتها الدابة ؟ فأذن الله فكلمتنا بلسان ذلق طلق ، فقالت : أنا الجساسة ، قلنا : وما الجساسة ؟ قالت : إليكم عني ، عليكم بذاك الدير في أقصى الجزيرة ، فإن فيه رجلا هو إلى خبركم بالأشواق . فأتينا الدير ، فإذا نحن برجل أعظم رجل رأيته قط خلقا ، وأجسمه جسما ، وإذا هو ممسوح العين اليمنى ، كأن عينه نخامة في جدار مجصص ، وإذا [ ص: 438 ] يداه مغلولتان إلى عنقه ، وإذا رجلاه مشدودتان بالكبول من ركبتيه إلى قدميه ، فقلنا له : من أنت أيها الرجل ؟ قال : أما خبري فقد قدرتم عليه فأخبروني عن خبركم ؟ ما أوقعكم هذه الجزيرة ؟ وهذه الجزيرة لميصل إليها آدمي منذ صرت إليها ، فقال لنا : أخبروني عن بحيرة الطبرية ، ما فعلت ؟ فقلنا له : عن أي أمرها تسأل ؟ قال : هل نضب ماؤها ؟ هل بدا ما فيها من العجائب ؟ قلنا : لا والله ، قال : أما إنه سيكون ، ثم سكت مليا ثم قال : أخبروني عن عين زغر ، ما فعلت ؟ قلنا : عن أي أمرها تسأل ؟ قال : هل يحترث عليها أهلها ؟ قلنا له : نعم ، قال : أما إنه سوف يغور عنها ماؤها ، فلا يحترث عليه أهلها ، ثم سكت مليا ، ثم قال : أخبروني عن نخل بيسان ، ما فعل ؟ قلنا : عن أي أمره تسأل ؟ قال : هل يثمر ؟ قلنا : نعم ، قال : أما إنه لا يثمر ، ثم سكت مليا ، فقال : أخبروني عن النبي الأمي ، ما فعل ؟ قلنا : عن أي أمره تسأل ؟ قال : هل ظهر ؟ قلنا : نعم ، قال : فما صنعت معه العرب ؟ فقلنا : منهم من قاتله ، ومنهم من صدقه ، فقال : أما إنه من صدقه فهو خير له ثلاثا ، فقلنا : أخبرنا خبرك أيها الرجل ؟ قال : أما تعرفوني ؟ قلنا : لو عرفناك ما سألناك . قال : أنا الدجال ، يوشك أن يؤذن لي في الخروج ، فإذا خرجت وطئت أرض العرب كلها ، غير مكة وطيبة ، كلما أردتهما استقبلني ملك [ ص: 439 ] بيده السيف صلتا ، فردني عنهما " ، قال أبو الأشهب : قال عامر : قالت فاطمة : فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رافعا يديه حتى رأيت بياض إبطيه ، ثم قال : " ألا أخبركم ، إن هذه طيبة " ثلاثا ، ثم قال : " ألا أخبركم بأنه في بحر الشام ؟ " ثم أغمي عليه ساعة ، ثم سري عنه ، ثم قال : " بل هو في بحر اليمن " ، ثم أغمي عليه ساعة ، ثم سري عنه ، فقال : " هو في بحر العراق " ثلاثا " يخرج حين يخرج من بلدة ، يقال لها : أصبهان ، من قرية من قراها ، يقال لها : رستقباد ، يخرج حين يخرج على مقدمته سبعون ألفا ، عليهم التيجان ، معه نهران : نهر من ماء ، ونهر من نار ، فمن أدرك ذلك منكم ، فقيل له : ادخل الماء ، فلا يدخله ، فإنه نار ، وإذا قيل له : ادخل النار ، فليدخلها ؛ فإنه ماء " .

لم يرو هذا الحديث عن أبي الأشهب إلا سيف بن مسكين ، تفرد به : أبوعبيدة " .

التالي السابق


الخدمات العلمية