صفحة جزء
6904 حدثنا محمد بن المعافى ، قال : حدثنا زكريا بن يحيى الوقار قال : قرئ على عبد الله بن وهب ، وأنا أسمع ، قال حدثـنا الثوري : قال حدثـنا مجالد : قال حدثـنا أبو الوداك : [ ص: 461 ] قال حدثـنا أبو سعيد الخدري : قال حدثـنا عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قال أخي موسى عليه السلام : يا رب أرني الذي كنت أريتني في السفينة ، فأوحى الله إليه : يا موسى ، إنك ستراه ، فلم يلبث إلا يسيرا حتى أتاه الخضر ، وهو طيب الريح ، حسن بياض الثياب ، فقال : السلام عليك يا موسى بن عمران ، إن ربك يقرأ عليك السلام ورحمة الله . قال موسى : هو السلام ، ومنه السلام ، وإليه السلام ، والحمد لله رب العالمين الذي لا أحصي نعمه ، ولا أقدر على شكره إلا بمعونته . ثم قال موسى : أريد أن توصيني بوصية ينفعني الله بها بعدك . فقال الخضر : يا طالب العلم إن القائل أقل ملالة من المستمع ، فلا تمل جلساءك إذا حدثتهم واعلم أن قلبك وعاء ، فانظر ماذا تحشو به وعاءك ، و اعزف عن الدنيا و انبذها وراءك ، فإنها ليست لك بدار ، و لا لك فيها قرار ، و إنها جعلت بلغة للعباد ، و ليتزودوا منها للمعاد ، و يا موسى ، وطن نفسك على الصبر تلق العلم و رض نفسك على الصبر تخلص من الإثم ، يا موسى تفرغ للعلم إن كنت تريده ، فإنما العلم لمن يفرغ له ، ولا تكونن مكثارا للمنطق ، مهذارا ، إن كثرة المنطق شين العلماء ، وتبدي مساوئ السخفاء ، ولكن عليك بذي اقتصاد ، فإن ذلك من التوفيق والسداد ، وأعرض عن الجهال ، و احلم عن [ ص: 462 ] السفهاء ، فإن ذلك فضل الحكماء ، وزين العلماء . إذا شتمك الجاهل فاسكت عنه سلما ، وجانبه حزما ، فإن ما بقي من جهله عليك وشتمه إياك أكثر وأعظم ، يا ابن عمران لا ترى أنك أوتيت من العلم إلا قليلا ، فإن الانزلاق و التعسف من الاقتحام والتكلف ، يا ابن عمران لا تفتحن بابا لا تدري ما غلقه ، ولا تغلقن بابا لا تدري ما فتحه ، يا ابن عمران من لا تنتهي من الدنيا نهمته ، ولا تنقضي منها رغبته كيف يكون عابدا ؟ من يحقر حاله ويتهم الله بما قضى له كيف يكون زاهدا ؟ هل يكف عن الشهوات من قد غلب عليه هواه ، و ينفعه العلم والجهل قد حوله ؟ لأن سفرته على آخرته وهو مقبل على دنياه . تعلم ما تعمل لتعمل به ، ولا تعلمه لتتحدث به ، فيكون عليك بوره ويكون لغيرك نوره ، يا موسى بن عمران اجعل الزهد والتقوى لباسك ، والعلم والذكر كلامك ، واستكثر من الحسنات ، فإنك مصيب السيئات ، وزعزع بالخوف قلبك ، فإن ذلك يرضي ربك ، واعمل خيرا فإنك لابد عامل سواه ، قد وعظت إن حفظت فتولى الخضر و بقي موسى حزينا مكروبا " .

التالي السابق


الخدمات العلمية