صفحة جزء
166 حدثنا أحمد بن محمد بن مهدي الهروي ببغداد ، حدثنا علي بن خشرم ، حدثنا الفضل بن موسى السيناني ، عن عبد الله بن كيسان ، حدثنا عكرمة ، عن ابن عباس قال : خرج أبو بكر بالهاجرة ، فسمع بذلك عمر فخرج ، فإذا هو بأبي بكر ، فقال : يا أبا بكر ، ما أخرجك هذه الساعة ؟ فقال : أخرجني والله ما أجد في بطني من حاق الجوع ، فقال : وأنا والله ما أخرجني غيره ، فبينما هما كذلك ، إذ خرج [ ص: 68 ] عليهما النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فقال : " ما أخرجكما هذه الساعة ؟ " فقالا : أخرجنا والله ما نجد في بطوننا من حاق الجوع ، فقال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - : " أنا والذي نفسي بيده ما أخرجني غيره " ، فقاموا ، فانطلقوا حتى أتوا باب أبي أيوب الأنصاري ، وكان أبو أيوب ذكر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - طعاما أو لبنا ، فأبطأ يومئذ ، فلم يأت لحينه ، فأطعمه أهله ، وانطلق إلى نخله يعمل فيه ، فلما أتوا باب أبي أيوب خرجت امرأته ، فقالت : مرحبا برسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وبمن معه فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : " فأين أبو أيوب ؟ " فقالت : يأتيك يا نبي الله الساعة ، فرجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فبصر به أبو أيوب وهو يعمل في نخل له فجاء يشتد حتى أدرك رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فقال : مرحبا بنبي الله وبمن معه ، فقال : يا رسول الله ، ليس بالحين الذي كنت تجيئني فيه ، فرده ، فجاء إلى عذق النخل ، فقطعه ، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : " ما أردت إلى هذا ؟ " فقال : يا رسول الله ، أحببت أن تأكل من رطبه ، وبسره ، وتمره ، وتذنوبه ، ولأذبحن لك مع هذا ، فقال : " إن ذبحت ، فلا تذبحن ذات در " ، فأخذ عناقا له أو جديا فذبحه ، وقال لامرأته : اختبزي ، وأطبخ أنا ، فأنت أعلم بالخبز ، فعمد إلى نصف الجدي فطبخه وشوى نصفه ، فلما أدرك بالطعام وضع بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وأصحابه ، فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - من الجدي ، فوضعه على رغيف ، ثم قال : " يا أبا أيوب ، أبلغ بهذا فاطمة ؛ فإنها لم تصب مثل هذا منذ أيام " ، فلما أكلوا وشبعوا قال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - : " خبز ، ولحم ، وبسر ، وتمر ، ورطب ، ودمعت عيناه " ، [ ص: 69 ] ثم قال : " هذا من النعيم الذي تسألون عنه يوم القيامة " ، فكبر ذلك على أصحابه ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا أصبتم مثل هذا ، وضربتم بأيديكم ، فقولوا : بسم الله ، وبركة الله ، فإذا شبعتم ، فقولوا : الحمد لله الذي أشبعنا وأروانا وأنعم وأفضل ؛ فإن هذا كفاف بهذا " ، وكان رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - لا يأتي إليه أحد معروفا إلا أحب أن يجازيه ، فقال لأبي أيوب : " ائتنا غدا " ، فلم يسمع ، فقال له عمر : إن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يأمرك أن تأتيه ، فلما أتاه ، أعطاه وليدة ، فقال : " يا أبا أيوب ، استوصي بهذه خيرا ؛ فإنا لم نر إلا خيرا ما دامت عندنا ، فلما جاء بها أبو أيوب ، فقال ما أجد لوصية رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - شيئا خيرا من أن أعتقها ، فأعتقها " . لم يروه عن عبد الله بن كيسان إلا الفضل بن موسى .

التالي السابق


الخدمات العلمية